قيل إن يد واحدة لا تصفق لكنها تغريك بفنجان من القهوة، وقيل أيضًا «القهوة أو من تهوى قلت القهوة ممن أهوى»، كلمات دارجة يُعبّر بها عُشاق القهوة عن ارتباطهم الوثيق بها، إذًا لا يُمكن أن تُوضع في مقارنة حتى مع الحبيب، وإن كان ولا بد من وجود غيرها فيكون إلى جانبها ليس على حسابها، فدائمًا ما نحتاج إلى أشياء تجعل الحياة أجمل، شيء يُشبه القهوة.
ولطالما نُظر إلى القهوة بعين الشك، وكثيرًا ما اُتهمت بأنها أحد مسببات ارتفاع ضغط الدم، خاصةً مع ما تحتويه من كميات كبيرة من الكافيين، لكن يبدو أن هذه السمعة السلبية قد حان وقت تصحيحها.

والقهوة ليست فقط جزءًا من طقوس الحياة اليومية للكثيرين، بل هي أيضًا مصدر للسعادة والطاقة، ولعل أحد أسباب هذا الالتباس حول تأثيرها الصحي يعود إلى تأثير الكافيين قصير المدى، حيث يمكن أن يسبب ارتفاعاً مؤقتاً في ضغط الدم لدى بعض الأشخاص.
وفي الواقع، فإن الأشخاص الذين يشربون القهوة بانتظام يبدو أنهم يطورون تحملاً لتأثيرات الكافيين على الأوعية الدموية، ما يجعلها أقل عرضة للتأثير على ضغط الدم.
اقرأ ايضًا: القهوة بالقرنفل.. فوائد مذهلة وتحذيرات صحية من الإفراط في تناولها
وهذا ما أيده الدكتور مجدي نزيه، رئيس وحدة التثقيف الغذائى بالمعهد القومى للتغذية، مؤكدًا أن الكافيين لا يسبب آثارًا طويلة الأمد على ضغط الدم، ولا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بفرط ضغط الدم.
عدد فناجين القهوة المسموح بها يوميًا
ومع ذلك، لا تزال هناك نصائح طبية توصي بالاعتدال في استهلاك القهوة، حيث يُفضل أن لا تزيد الكمية اليومية عن ثلاثة فناجين للأشخاص الأصحاء.أما بالنسبة لمرضى الضغط المرتفع، فمن الأفضل الالتزام بفنجان واحد يوميًا كإجراء وقائي، مع استشارة الطبيب المختص.
فوائد القهوة المظلومة
القهوة ليست مجرد مشروب محبب للبعض، بل هي مصدر للعديد من الفوائد الصحية، إذ أظهرت الأبحاث أنها قد تساهم في الحماية من أمراض القلب، وتخفف بعض الضغط عن القلب بفضل تأثيرها الإيجابي على ضغط الدم عند شربها باعتدال.
أما بالنسبة لأولئك الذين يعانون من انخفاض ضغط الدم، فقد تكون القهوة خيارًا مفيدًا لهم، إذ يحفز الكافيين الغدة الكظرية لإفراز هرمون الأدرينالين، مما يؤدي إلى رفع ضغط الدم وتحسين نشاط الدورة الدموية، وفقًا لما أوضحه الدكتور مجدي نزيه لـ”شهد كلينك”.

صديقة للقلب والأوعية الدموية
القهوة، إذن، ليست عدواً كما يُشاع، بل يمكن أن تكون صديقًا للقلب والدورة الدموية إذا استُهلكت بوعي واعتدال، فما بين فوائدها الصحية العديدة وتخفيفها من المخاطر، يحق لها أن تتحرر من الاتهام وتُعامل بما تستحق من إنصاف.
في هذا السياق، يمكننا القول إن القهوة كانت ضحية سوء فهم طويل الأمد، التحذيرات المتكررة بشأن تأثيرها السلبي على الصحة العامة، وخصوصاً ضغط الدم، دفعت الكثيرين إلى التخلي عن تناولها أو تقليل استهلاكها خوفاً من تأثيرها المزعوم، إلا أن الأدلة العلمية الحديثة كشفت أن هذا القلق غير مبرر إذا ما استُهلكت القهوة بشكل معتدل.
اقرأ ايضًا: القهوة أثناء الحمل لا تؤثر على النمو العصبي للجنين

مشروب يثري الحياة اليومية
ما يهم في نهاية المطاف هو الاعتدال، فكما أن الإفراط في أي شيء يمكن أن يكون ضارًا، فإن الاستمتاع بالقهوة باعتدال يمكن أن يحقق توازناً مثالياً بين فوائدها الصحية ومتعة تناولها.
القهوة ليست فقط مشروباً، بل تجربة تجمع بين الطعم الفريد، والرائحة الغنية، والفوائد الصحية التي تدعمها الأدلة العلمية.
لذا، دعونا ننصف القهوة، ونعيد النظر في مكانتها كأحد المشروبات الأكثر استهلاكاً وشعبية في العالم، بدلاً من شيطنتها، يمكننا تقديرها على حقيقتها “مشروب يثري حياتنا اليومية، ويمنحنا لحظ”.