هل ذهبت إلى الطبيب عدة مرات بسبب أعراض جسدية مثل الصداع، أو تنميل الأطراف، أو شد عضلات الرقبة، أو آلام في الصدر ودوار مثلاً؟ ورغم وضوح الأعراض، لم تتمكن من الحصول على تشخيص يرضيك أو شعرت أن الطبيب لا يقدر على فهم حالتك؟ إذا كانت إجابتك نعم، فقد تكون مصابا بـ”اضطراب الأعراض الجسدية” أو ما يعرف بـ (Somatic Symptom Disorder).
ما هو اضطراب الأعراض الجسدية؟
يعد اضطراب الأعراض الجسدية من الاضطرابات النفسية التي يتناولها الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للأمراض النفسية (DSM-5)، ويتسم هذا الاضطراب بظهور أعراض جسدية متعددة تكون مزعجة للشخص، وقد تتضمن آلامًا غير مبررة أو تعبًا مستمرًا أو شعورًا بعدم الراحة عمومًا، والمشكلة الأساسية هي أن هذه الأعراض قد تكون مفرطة مقارنة بالحالة الصحية الفعلية أو قد لا تكون مرتبطة بأي حالة طبية واضحة، وقد يبدأ الأمر فيةصورة بطأعراض جسدية عادية، ولكن مع مرور الوقت تتحول هذه الأعراض إلى قلق مستمر، ما يؤدي إلى زيارات متكررة للأطباء.
اقرأ أيضًا
كيف يؤثر اضطراب الأعراض الجسدية على حياتك؟
من المؤكد أن المعاناة من أعراض جسدية دون تفسير طبي يمكن أن يكون أمرًا محبطًا، خاصة عندما لا يجد الشخص دعمًا كافيًا من محيطه أو من الأطباء، وقد تساهم هذه الزيارات المستمرة إلى الأطباء والمراكز الطبية في زيادة الشعور بالقلق والتوتر الزائد، ما يجعل الحالة تتفاقم أكثر، كما يؤثر هذا على جودة الحياة بشكل كبير، ويضع الشخص تحت ضغط دائم-ضغط نفسي-، مما قد يؤدي إلى مشاكل في الحياة الاجتماعية والمهنية.
أسباب الإصابة باضطراب الأعراض الجسدية
على الرغم من أن السبب الدقيق لهذا الاضطراب غير معروف، إلا أن هناك بعض العوامل التي تساهم في تطوره، ومن أبرزها القلق المزمن والاكتئاب، إضافة إلى وجود تاريخ عائلي مشابه من الاضطرابات النفسية، وقد يكون الشخص أكثر عرضة لهذا الاضطراب إذا كان لديه مستوى عال من الأحاسيس الجسدية أو صعوبة في التعامل مع القلق بشكل عام، كما أن التوتر العاطفي والصدمات النفسية السابقة قد تلعب دورًا في تحفيز هذه الحالة.
اقرأ أيضًاكل ما تريد معرفته عن اضطراب ما بعد الصدمة.. الأسباب والأعراض وطرق العلاج الفعّالة
طرق العلاج والوقاية
لحسن الحظ، يمكن إدارة هذا الاضطراب من خلال العلاج النفسي المناسب، ويعتبر «العلاج السلوكي المعرفي» من أفضل العلاجات المستخدمة في مثل هذه الحالات، ويساعد هذا العلاج الأشخاص على فهم العلاقة بين أفكارهم وأعراضهم الجسدية، ويعمل على تعديل الأفكار السلبية التي تزيد من القلق وتفاقم الأعراض، بالإضافة إلى ذلك، قد يحتاج بعض المرضى إلى أدوية مضادة للقلق أو الاكتئاب، إذا كانت هذه العوامل مصاحبة للحالة.
أما الوقاية من هذا الاضطراب، فتتمثل في تقليل مستويات التوتر والقلق عن طريق ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق، اليوغا، أو حتى التمارين الرياضية، ومن المهم أيضًا تعزيز التواصل الجيد مع الأطباء النفسيين الذين يمكنهم تقديم الدعم النفسي وتوجيه العلاج المناسب لمرضاهم.
في النهاية، عزيزي، إذا كنت تعاني من أعراض جسدية لا تفسير لها، ولا تجد تقديرًا كافيًا من المحيطين بك، فربما يكون من المفيد البحث عن السبب النفسي وراء هذه الأعراض، وقد يكون اضطراب الأعراض الجسدية هو ما يجعلك تشعر بتلك الآلام دون أن تجد تفسيرًا طبيًا لها، فاستشارة طبيب نفسي يمكن أن يكون خطوة هامة نحو فهم حالتك والبدء في العلاج المناسب، مما يساعدك على استعادة حياتك الطبيعية والتمتع بها دون خوف أو قلق، ولكل داء دواء.