أعلن باحثون من المعهد الدولي لبحوث السرطان في ليون بفرنسا عن إطلاق دراسة جديدة وشاملة لاختبار الأدلة العلمية التي تربط بين استهلاك اللحوم الحمراء وخطر الإصابة بالسرطان، وتهدف هذه الدراسة إلى تقديم إجابات نهائية حول هذه العلاقة المثيرة للجدل، والتي أثارت نقاشًا واسعًا في الأوساط العلمية والطبية خلال السنوات الماضية.
التناقضات في الأبحاث الحالية حول اللحوم الحمراء والسرطان
يشير الدكتور إيان جونسون، قائد الدراسة، إلى وجود تناقضات كبيرة في الأبحاث الحالية حول العلاقة بين اللحوم الحمراء والسرطان، فبينما صنفت منظمة الصحة العالمية اللحوم المصنعة كمادة مسرطنة واللحوم الحمراء كمادة محتمل أن تكون مسرطنة، إلا أن هناك دراسات أخرى تشكك في قوة هذه الادعاءات، وتشير إلى أن العلاقة قد تكون أضعف مما كان يعتقد سابقاً، أو أنها قد تكون مرتبطة بعوامل أخرى غير اللحوم نفسها.
منهجية الدراسة الجديدة لتقييم العلاقة بين اللحوم الحمراء والسرطان
تعتمد الدراسة الجديدة على منهجية علمية صارمة ومبتكرة، حيث ستشمل تحليلاً شاملاً للبيانات من أكثر من 15 دراسة وبائية كبرى حول العالم، بمشاركة أكثر من 1.5 مليون شخص، وستستخدم تقنيات متقدمة مثل تحليل “منديليان العشوائي” (Mendelian Randomization) والتي تساعد في تحديد ما إذا كانت العلاقة بين اللحوم الحمراء والسرطان سببية أم مجرد ارتباط إحصائي، بالإضافة إلى ذلك، ستقيم الدراسة العوامل الوراثية والبيئية والنمط الحياتي التي قد تؤثر على هذه العلاقة.
تعرف على: اللحوم الحمراء تحت المجهر.. دراسة تكشف تأثيرها على الصحة
المركبات الكيميائية في اللحوم الحمراء وعلاقتها بالسرطان
تركز الدراسة بشكل خاص على تقييم دور المركبات الكيميائية الموجودة في اللحوم الحمراء مثل الهيم الحديدي والنيتروزامينات والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAHs) التي تتشكل أثناء طهي اللحوم على درجات حرارة عالية، وتستهدف الدراسة معرفة ما إذا كانت هذه المركبات هي المسؤولة فعلاً عن زيادة خطر الإصابة بالسرطان، أم أن هناك آليات أخرى غير معروفة حتى الآن.
تأثير طرق طهي اللحوم الحمراء على خطر السرطان
جانب مهم آخر ستتناوله الدراسة هو تأثير طرق طهي اللحوم الحمراء على تكوين المواد المسرطنة، حيث ستقارن بين طرق مختلفة مثل الشوي والقلي والطهي البطيء لتحديد أكثرها أماناً، وتشير الأبحاث الأولية إلى أن الطهي على درجات حرارة منخفضة وتجنب حرق اللحوم قد يقلل بشكل كبير من تكوين المواد المسرطنة، كما ستدرس تأثير إضافة مضادات الأكسدة مثل الأعشاب والتوابل أثناء الطهي على تقليل المخاطر المحتملة.
توصيات مؤقتة حول استهلاك اللحوم الحمراء
في انتظار نتائج الدراسة النهائية، يقدم الباحثون توصيات مؤقتة بشأن استهلاك اللحوم الحمراء، وتشمل هذه التوصيات الاعتدال في تناول اللحوم الحمراء بما لا يتجاوز 3 مرات أسبوعياً بكميات معتدلة (حوالي 70 غرامًا للوجبة)، وتجنب اللحوم المصنعة قدر الإمكان، واختيار طرق طهي صحية مثل السلق أو الطهي البطيء بدلًا من الشوي المباشر على النار، بالإضافة إلى تناول الكثير من الخضروات والألياف مع وجبات اللحوم.