في عالم تتسارع فيه التطورات العلمية والتقنية، تبرز الحروب البيولوجية كواحدة من أخطر التهديدات التي تواجه البشرية، وتُعرف هذه الحروب باستخدام العوامل البيولوجية، مثل الفيروسات والبكتيريا، كأسلحة لتحقيق أهداف عسكرية أو سياسية.
بخلاف الأسلحة التقليدية، تتميز الأسلحة البيولوجية بقدرتها الفتاكة على الانتشار السريع وإحداث تأثيرات مدمرة على الصحة العامة والاقتصاد والنسيج الاجتماعي، مما يجعلها سلاحًا خفيًا يزرع الفوضى والرعب دون أن يُرى.
وفي ظل تزايد المخاوف من إساءة استخدام الهندسة الوراثية والتقنيات الحيوية، تصاعدت التساؤلات حول كيفية حماية المجتمعات من هذه التهديدات، وسبل تعزيز الجهود الدولية للحد من انتشارها.

تسريب فيروسات أرعب العالم
استيقظ العالم فجر اليوم على خبر مفزع، إذ أعلنت السلطات الأسترالية، عن اختفاء 3 فيروسات خطيرة من مختبراتها الحكومية، وُصفت بأنها أشد فتكًا من “كوفيد 19”.
هذه القضية المعقدة ليست مجرد تحدٍ أمني، بل اختبار للقيم الإنسانية ولقدرة الدول على التعاون في مواجهة خطر يهدد بقاء الإنسان على كوكب الأرض.
اقرأ أيضًا: تجارب الخوف متعة الرعب التي تجذب الملايين
فلم يعد الصراع العالمي مقتصرًا على الحروب التقليدية، أو التسابق نحو امتلاك الرؤوس النووية، بل ظهرت الأسلحة البيولوجية على الساحة لتغير مفهوم الحرب تمامًا عما كانت ولازالت عليه حتى الآن.
فهل تشهد الأيام المقبلة نوعًا جديدًا من الحروب الفيروسية، أو المُخلقة؟ وما هو المصير في حال فقدان السيطرة على مثل تلك الأنواع من الفيروسات التي يُفقد التحكم في نتائجها حال تسربها؟ هل العالم مقبل على مواجهة جديدة مع وباء جديد أخطر من كوفيد 19؟
الفيروسات القاتلة
من جانبه قال الدكتور إبراهيم محسن، مدرس التصنيع الدوائي بكلية الصيدلة، والخبير بمعامل «اي نوفا كيو» للأبحاث العلمية، إن التعامل مع الفيروسات المُصنعة والمخلقة، لا يمكن أن يتم إلا من خلال كيميائيين وباحثين متخصصين، موضحًا أن التعامل مع الفيروسات أو المُخلقات البيولوجية والكيميائية يتطلب علمًا ودراسة معمقة وإدراك التعامل مع المختبرات العلمية والمعامل.
اقرأ أيضًا: اكتشاف مدهش.. العلاج بالكلام قد يخفف أعراض كورونا
وعلى خلفية إعلان الحكومة الأسترالية، فجر اليوم، عن اختفاء 3 فيروسات وصفتها القاتلة، علق الدكتور إبراهيم محسن، على الموضوع بأن العالم مقبل على نوعٍ جديد من الحروب لم نشهده من قبل، وهي الحروب البيولوجية، التي تعتمد على الفيروسات القاتلة، أو المعدية.
هل العالم على أعتاب حرب بيولوجية؟
وأضاف “محسن”، في تصريحات خاصة لـ”شهد كلينك“، أن التفسير الأرجح لما حدث هو أن الدول بدأت تتعامل مع الحرب البيولوجية على أنها سلاح العصر منذ سنوات طويلة، فبالإشارة إلى بيان الحكومة الأسترالية، التي قالت فيه، إن الفيروسات اختفت منذ ما يزيد على 3 سنوات ولم يتم اكتشافه إلا اليوم، هو كارثة تعيد للأذهان “كوفيد 19″، والذي انتشر قبلها بعامين، لافتًا إلى أن العالم سيشهد تغيرًا جذريًا في الحروب خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن قبل الحرب البيولوجية، كان الصراع بين القوى العالمية على امتلاك الأسلحة والرؤوس النووية، أما الآن لم يعد الأمر بحاجة إلى كل تلك المفاعلات النووية العملاقة لتدمير دول كاملة، إذ إن زجاجة صغيرة قد لا يتعدى حجمها 5 سنتيمتر، قادرة على إحداث وباء قاتل للبشرية يمكن أن يقضي على مجتمعات بأكملها.

وعن طريقة حفظ تلك الفيروسات، أوضح أنه يتم حفظها في سائل النيتروجين عند درجة حرارة 180 درجة مئوية تحت الصفر، مشيرًا إلى أنه عند تلك الدرجة يتم إيقاف نشاط الفيروس وحفظة، ويتطلب الأمر لإعادة تنشيطها مرة آخرى أن يتم وضعها في محلول مياه عند درجة حرارة 35 درجة مئوية.
وقال استشاري التصنيع الدوائي بكلية الصيدلة، إن تخليق الفيروسات ينقسم إلى قسمين، الأول هو تصنيع فيروس آمن مثل الأمصال التي يتم بها معالجة الأمراض، والنوع الثاني هو تخليق جينات جديدة بتطوير الفيروس، والذي قد ينتج عنه في الغالب نتائج عشوائية خطيرة، مؤكدًا أنه عند اطلاق الفيروس لا يمكن السيطرة عليه ولا يمكن توقع ما قد يحدث للبشرية، إذ إن الفيروسات تنتشر بسرعة كبيرة.
وأوضح أن الفيروسات التي يتم تخليقها من النوع الثاني لتحمل الأمراض، يمكن انتقالها من خلال الحقن أو الاتصال الجنسي أو من خلال التنفس، والفيروسات التي تنتقل من خلال العدوى التنفسية هي أسرع الفيروسات انتشارًا لأن الرذاذ الحامل للفيروس يتغلغل بين الناس أسرع.
اقرأ أيضًا: كوفيد-19 قد يسرع شيخوخة الدماغ 20 عامًا

انتشار الفيروسات القاتلة مسألة وقت
في سياق التحقق من مدى خطورة الأمر، كان الدكتور أحمد خضير العميد السابق لكلية العلوم بجامعة كفرالشيخ، أكثر تشاؤمًا، إذ قال إن السنوات القليلة المقبلة، وربما الأيام والشهور المقبلة ستشهد انتشار الكثير من الأوبئة.
وأشار إلى خطورة الأمر حال انتشار فيروسات جديدة مجهولة، كما كان الحال بالنسبة لـ”كوفيد 19″، مشددًا على أن الأمر لم يعد يتحمل انتظار ما سيحدث، بل يجب وضع سيناريوهات للتعامل مع انتشار أي أوبئة في المستقبل القريب، مؤكدًا أن محاربة تلك الفيروسات المحتملة يجب أن يكون نصب أعين الدول والحكومات وأن يتم اتخاذ خطوات جادة وعاجلة للسيطرة على أي تداعيات قد تحدث، لافتًا إلى أن حرب الفيروسات قادمة وأن مسألة حدوثها مجرد وقت فقط.