في عالم يعج بالضغوط النفسية والتحديات اليومية، يواجه العديد من الأفراد صراعات داخلية تدفعهم إلى معاقبة أنفسهم أو تحمل مشاعر الذنب بشكل مفرط، سواء كان ذلك في شكل تأنيب الضمير أو إيذاء النفس، فإن هذه المشاعر قد تكون مؤشراً على اضطرابات نفسية عميقة تحتاج إلى معالجة.
في الحوار التالي، يسلط الدكتور وليد هندي، استشاري الأمراض النفسية، الضوء على مفهوم “العقاب الذاتي”، أسبابه، وآثاره على الصحة النفسية، كما يناقش كيفية التعامل مع مشاعر اللوم والذنب، ويقدم نصائح عملية للتغلب على احتقار الذات وتحقيق الشفاء النفسي.

بدايةً، كيف تعرف مفهوم “العقاب الذاتي”؟
العقاب الذاتي هو حالة يلجأ فيها الشخص إلى معاقبة نفسه بسبب مشاعر الذنب أو الخوف أو الشعور بالضعف، ويتخذ العقاب الذاتي أشكالاً عديدة مثل العزلة أو التصرفات القاسية تجاه النفس، كأن يفرض الشخص نفسه في موقف مؤلم كعقاب على خطأ ارتكبه.
وفي بعض الأحيان يمكن أن يشبه هذا “إيذاء النفس” حيث يتم إيذاء الجسد أو المشاعر بطريقة متعمدة بهدف التأثير على الذات.
اقرأ أيضًا: طبيب يستعرض التأثيرات النفسية على الدورة الشهرية
ما هي الأسباب التي تدفع الشخص إلى عقاب نفسه؟
العقاب الذاتي غالباً ما يكون ناتجاً عن مشاعر قوية من الذنب أو العجز، فالأشخاص الذين يعانون من صعوبة في التعامل مع مشاعرهم قد يلجأون إلى العقاب كوسيلة للتعامل مع الألم العاطفي.
وبعض الأفراد يعتقدون أنهم لا يستحقون الراحة أو السعادة، ويشعرون بضرورة معاقبة أنفسهم على أخطاء ارتكبوها، حتى وإن كانت تلك الأخطاء لا تبرر هذا الشعور بالذنب المفرط.
كيف يمكن للفرد التعامل مع مشاعر لوم الذات أو تأنيب الضمير بشكل صحي؟
أول خطوة للتعامل مع هذه المشاعر هي قبول الذات، إذ يجب على الشخص أن يدرك أنه ليس من الطبيعي أن يكون مثالياً طوال الوقت، فجميعنا نخطئ، والتعامل مع هذه الأخطاء يتطلب اعترافاً بها من دون الانغماس في مشاعر الندم المستمر.
ومن المفيد أن يوجه الشخص تركيزه نحو تحسين نفسه بدلاً من التركيز على ما حدث، كما أن التحدث مع شخص مقرب أو متخصص يساعد في معالجة هذه المشاعر بشكل إيجابي.

هل لوم الذات يعتبر مرضًا نفسيًا؟
يمكن أن يكون لوم الذات المستمر والغير مبرر علامة على وجود اضطراب نفسي مثل الاكتئاب أو الوسواس القهري، وتكرار هذه الأفكار السلبية المبالغ فيها يتسبب في عواقب صحية نفسية طويلة المدى، لذلك من الضروري أن يتعامل الشخص مع هذه المشاعر في وقت مبكر حتى لا تتحول إلى مشكلة أكثر تعقيداً.
كيف يمكن التخلص من احتقار الذات؟
التخلص من احتقار الذات يتطلب بدايةً تغيير النظرة السلبية نحو النفس، أحد الأساليب الفعالة هو العمل على تطوير الذات من خلال التفاؤل، وتقبل العيوب الشخصية، ومن ثم السعي لتحسين هذه الجوانب بشكل إيجابي.
ومن المهم أيضًا أن يحرص الشخص على الابتعاد عن الأفكار السلبية والتمسك بمشاعر التقدير للذات، وهذا يتطلب ممارسة الرياضة، التفاعل الاجتماعي، والاطلاع على معارف جديدة لتحفيز النمو الشخصي.
اقرأ أيضًا: أثر غياب العلاقة الحميمة على الصحة النفسية والجسدية للمرأة.. طبيب يوضح
وفيما يتعلق بإيذاء النفس، هل هناك رابط بينه وبين العقاب الذاتي؟
نعم، هناك رابط واضح بين إيذاء النفس والعقاب الذاتي، في بعض الحالات، يشعر الشخص بالحاجة إلى إيذاء نفسه جسديًا كوسيلة للتعامل مع مشاعر الندم أو الألم العاطفي العميق، هذا النوع من السلوك غالبًا ما يكون نتيجة لتراكم المشاعر التي يصعب التعبير عنها، مثل الغضب أو الشعور بالوحدة.
أخيراً، كيف يمكن للفرد معالجة شعوره المستمر بتأنيب الضمير؟
لمعالجة شعور تأنيب الضمير المستمر، يجب أولاً أن يتعلم الشخص كيف يتقبل أخطاءه ويغفر لنفسه، ويجب عليه أن يركز على فهم الأسباب التي أدت إلى الشعور بالذنب وأن يعمل على إجراء تغييرات إيجابية في حياته.
ومن المفيد أن يتحدث مع شخص مقرب أو مختص لتقديم الدعم النفسي، أيضًا، الاعتراف بأخطائك والتعلم منها هو طريق للشفاء النفسي.