كشفت دراسات طبية حديثة أن مرضى سرطان الثدي منخفض الخطورة قد لا يحتاجون إلى إجراء عمليات جراحية، وذلك في تحول كبير بمجال علاج هذا النوع من السرطان الذي يصيب ملايين النساء سنويًا، مما يفتح الباب أمام خيارات علاجية أقل تدخلًا وأكثر راحة للمرضى.
ما هو سرطان الثدي منخفض الخطورة وكيف يُشخص؟
يُعرف سرطان الثدي منخفض الخطورة بأنه أورام سرطانية صغيرة وبطيئة النمو تستجيب للعلاج الهرموني ولا تحمل بعض العلامات الجينية المرتبطة بانتشار المرض، ويشكل هذا النوع من السرطان نسبة كبيرة من حالات سرطان الثدي المشخصة مبكرًا، خاصة لدى النساء فوق سن الخمسين.
وفقًا للدراسة التي أجريت في المعهد القومي للسرطان بالولايات المتحدة، فإن حوالي 20-30% من حالات سرطان الثدي المشخصة حديثًا يمكن تصنيفها كسرطان الثدي منخفض الخطورة، وتعتمد معايير التشخيص على حجم الورم (أقل من 2 سم)، ودرجة الورم (الدرجة 1 أو 2)، والاستجابة للهرمونات، وعدم وجود انتشار للغدد الليمفاوية.
لماذا قد لا يحتاج سرطان الثدي منخفض الخطورة للجراحة؟
أظهرت دراسة واسعة النطاق شملت أكثر من 500 امرأة مصابة بسرطان الثدي منخفض الخطورة، أجريت في جامعة ميشيغان، أن العلاج الهرموني وحده قد يكون كافيًا في معظم الحالات، وقد تابع الباحثون المرضى لمدة خمس سنوات، ووجدوا أن معدل البقاء على قيد الحياة دون انتشار المرض كان 98% للمجموعة التي تلقت العلاج الهرموني فقط، مقارنة بـ 99% للمجموعة التي خضعت للجراحة مع العلاج الهرموني.
وتقول الدكتورة لورا إسينمان، الباحثة الرئيسية في الدراسة: “هذه النتائج تشير إلى أن الجراحة قد لا تضيف فائدة كبيرة لبعض النساء المصابات بسرطان الثدي منخفض الخطورة، خاصة إذا كان الورم يستجيب جيدًا للعلاج الهرموني”، وأضافت أن “تجنب الجراحة يمكن أن يوفر على المرضى الآثار الجسدية والنفسية للتدخل الجراحي دون التأثير على فرص الشفاء”.
العلاجات البديلة لسرطان الثدي منخفض الخطورة
يركز الأطباء على العلاج الهرموني كخيار أساسي للتعامل مع سرطان الثدي منخفض الخطورة، حيث تعمل أدوية مثل التاموكسيفين ومثبطات الأروماتاز على منع تأثير هرمون الإستروجين على الخلايا السرطانية، مما يؤدي إلى تقلص الورم أو إبطاء نموه بشكل كبير.
وفي بعض الحالات، يمكن استخدام العلاج الإشعاعي الموضعي كبديل أقل تدخلًا من الجراحة، خصوصًا في المراحل المبكرة جدًا من سرطان الثدي منخفض الخطورة، وتشير الإحصائيات إلى أن حوالي 40% من المريضات اللاتي تلقين العلاج الهرموني فقط شهدن تقلصًا كاملًا للورم خلال عام واحد من العلاج.
تعرف على: تقنية النانو تُحدث ثورة في علاج سرطان الثدي
متى تكون الجراحة ضرورية لمرضى سرطان الثدي منخفض الخطورة؟
رغم النتائج الواعدة، يؤكد الخبراء أن بعض حالات سرطان الثدي منخفض الخطورة قد تظل بحاجة إلى التدخل الجراحي، خاصة إذا كان الورم لا يستجيب للعلاج الهرموني، أو إذا كان هناك مخاوف من انتشار المرض، أو إذا كانت المريضة تفضل الجراحة لراحتها النفسية.
وتوضح الدكتورة جين هانسن، جراحة الثدي في مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان: “القرار بشأن الجراحة يجب أن يكون مشتركًا بين الطبيب والمريضة، مع مراعاة العوامل الطبية والشخصية”، مشيرةً إلى أن “الهدف النهائي هو توفير أفضل نتائج علاجية مع أقل قدر من التدخل والآثار الجانبية”.
مستقبل علاج سرطان الثدي منخفض الخطورة
تفتح هذه الدراسات والأبحاث بابًا جديدًا في مجال علاج سرطان الثدي، متجهة نحو نهج أكثر تخصيصًا يراعي خصائص المرض لدى كل مريضة، وقد بدأت العديد من المراكز الطبية الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا بتطبيق بروتوكولات علاجية تتيح للنساء المصابات بسرطان الثدي منخفض الخطورة خيار العلاج بدون جراحة.
ويتوقع الخبراء أن تؤدي هذه التطورات إلى تغيير جذري في نهج علاج سرطان الثدي خلال العقد القادم، مع التركيز على تقليل التدخلات غير الضرورية وتحسين جودة حياة المرضى، ويؤكدون على أهمية الكشف المبكر الذي يزيد من فرص تصنيف الحالة كسرطان ثدي منخفض الخطورة، مما يتيح المزيد من الخيارات العلاجية الأقل تدخلًا.