ترتبط المشاعر الإنسانية بأماكن محددة من الجسد، فمثلا تعبير الشخص عن الحب أو الغضب، يرتبط بتغيرات في معدل ضربات القلب أو انقباض العضلات، وغالبا ما تمثل هذه المشاعر في القلب أو المعدة، لكن هل كانت هذه المشاعر ثابتة؟، هذا ما حاول فريق بحثي الإجابة عنه، من خلال دراسة أجريت على نصوص من حضارة بلاد ما بين النهرين القديمة.
وحلل الباحثون مليون كلمة مكتوبة باللغة الأكادية القديمة، وهي إحدى أقدم اللغات المكتوبة، يعود تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، لمعرفة كيف اختبر الناس المشاعر في أجسادهم منذ آلاف السنين.
ما اللغة الأكادية؟
اللغة الأكادية هي إحدى أقدم اللغات المكتوبة في التاريخ، تعود جذورها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكانت تُكتب بنظام الكتابة المسمارية، وتنتمي إلى العائلة اللغوية السامية الشرقية، ما يجعلها قريبة من اللغات السامية الأخرى كالعربية والآرامية.
النصوص القديمة مفتاح فهم العواطف
وركز الفريق على نصوص مسمارية تعود للفترة بين 934 و612 قبل الميلاد، حيث قارنوا الكلمات التي تُعبّر عن المشاعر في اللغة الأكادية بتلك المستخدمة في التعبير عن العواطف اليوم، باستخدام نماذج حاسوبية حديثة، ورسم العلماء خرائط تظهر المواقع الجسدية المحتملة التي ارتبطت بالعواطف.
المشاعر الإنسانية.. الغضب في القدمين والسعادة في الكبد
وتشير النتائج إلى اختلاف جذري في الطريقة التي عايش بها القدماء مشاعرهم جسديا مقارنة بالإنسان الحديث، ففي حين يشعر الإنسان اليوم بالغضب في الجزء العلوي من الجسم، مثل اليدين أو الصدر، أظهرت النصوص الأكادية أن القدماء في بلاد ما بين النهرين ربطوا الغضب بالقدمين تحديدا.
أما السعادة، فقد كانت مرتبطة بالكبد، الذي عبر عنه بمفاهيم مثل “الانفتاح” أو “التألق” أو “الامتلاء”، وهذا يختلف عن الإنسان المعاصر، الذي يربط السعادة غالبا بالقلب أو الدماغ.
العواطف تتأثر بالثقافة والتاريخ
تؤكد هذه الدراسة أن العواطف ليست مجرد استجابات بيولوجية ثابتة، بل تتأثر بالثقافة والتاريخ، وتمثلت مشاعر القدماء في أجزاء من الجسم بناء على فهمهم لعلم التشريح ومعتقداتهم الثقافية.
المشاعر الإنسانية.. أهمية النتائج
ويسلط هذا البحث الضوء على العلاقة العميقة بين الثقافة والجسد، ويفتح الباب أمام أسئلة جديدة حول كيفية تطور تجربة العواطف البشرية عبر الزمن، ويقول الباحثون إن هذه النتائج يمكن أن تسهم في فهم المشاعر الإنسانية بشكل أعمق، ليس فقط من منظور علم النفس، بل أيضا من خلال دراسة التاريخ والثقافات المختلفة.