توصل باحثون من جامعة ستانفورد إلى اكتشاف علمي مذهل يظهر أن المضادات الحيوية تعمل بكفاءة أعلى بكثير عندما تُستخدم في بيئة السوائل المتدفقة مقارنة بالسوائل الراكدة، مما قد يؤدي إلى تغيير جذري في كيفية تصميم العلاجات المضادة للبكتيريا ومكافحة مقاومة المضادات الحيوية، إحدى أخطر التهديدات الصحية العالمية.
نتائج مفاجئة حول فعالية المضادات الحيوية في السوائل المتدفقة
كشفت التجارب المختبرية التي أجراها فريق الباحثين بقيادة الدكتورة كارولين هارتمان، أستاذة علم الأحياء الدقيقة في جامعة ستانفورد، أن المضادات الحيوية كانت أكثر فتكًا بالبكتيريا بنسبة تصل إلى 8 أضعاف عندما تم اختبارها في أوساط سائلة متدفقة مقارنة بالأوساط الساكنة التقليدية، ويمثل هذا الاكتشاف تحدياً للافتراضات الراسخة في مجال المضادات الحيوية، حيث أن معظم اختبارات الحساسية للمضادات الحيوية تُجرى في أوساط ساكنة لا تعكس البيئة الحقيقية في الجسم.
تعرف على: هل تضعف المضادات الحيوية أثناء الحمل مناعة حليب الأم؟
آلية تأثير تدفق السوائل على فعالية المضادات الحيوية
يوضح الباحثون أن تدفق السوائل يعزز فعالية المضادات الحيوية من خلال عدة آليات، أولها أن التدفق يمنع تراكم البكتيريا وتشكيل الغشاء الحيوي (biofilm) الذي يحمي البكتيريا من المضادات الحيوية، وثانيًا أن التدفق يساعد على توصيل المضادات الحيوية بشكل أكثر كفاءة إلى أغشية الخلايا البكتيرية، وثالثًا أن السوائل المتدفقة تعزز التفاعلات الكيميائية بين المضادات الحيوية وأهدافها الخلوية، مما يزيد من تأثيرها القاتل للبكتيريا.
تطبيقات سريرية واعدة للمضادات الحيوية في السوائل المتدفقة
تشير نتائج الدراسة إلى تطبيقات سريرية واعدة، حيث يمكن استخدام هذه المعرفة الجديدة لتصميم علاجات أكثر فعالية للالتهابات المستعصية، خاصة تلك التي تحدث في مناطق من الجسم تتميز بتدفق السوائل مثل المسالك البولية والجهاز الهضمي والجهاز التنفسي، كما يمكن تطوير أنظمة توصيل دوائية جديدة تستفيد من ميزة تدفق السوائل، مثل أجهزة التسريب المستمر أو وسائل موضعية تعزز تدفق السوائل في منطقة العدوى.
مكافحة مقاومة المضادات الحيوية باستخدام تقنية السوائل المتدفقة
يعتقد الباحثون أن هذا الاكتشاف قد يقدم سلاحًا جديدًا في معركة مكافحة مقاومة المضادات الحيوية، حيث أظهرت التجارب أن حتى البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أصبحت أكثر حساسية عندما تعرضت للأدوية في بيئة متدفقة، فعلى سبيل المثال كانت بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA) أكثر حساسية بنسبة 4 أضعاف للفانكومايسين عندما تم اختباره في ظروف التدفق، مما يشير إلى إمكانية إعادة استخدام المضادات الحيوية القديمة بفعالية ضد البكتيريا المقاومة.
تحسين بروتوكولات اختبار المضادات الحيوية في المختبرات الطبية
توصي الدراسة بإعادة النظر في البروتوكولات المعيارية لاختبار حساسية المضادات الحيوية في المختبرات الطبية، مقترحة تطوير أنظمة اختبار جديدة تشمل ظروف التدفق لتعكس بشكل أفضل بيئة الجسم الحقيقية، ويعمل الفريق البحثي حالياً على تطوير جهاز مختبري بسيط وفعال من حيث التكلفة يسمح بإجراء اختبارات حساسية المضادات الحيوية في ظروف التدفق، مما قد يؤدي إلى تحسين دقة هذه الاختبارات وبالتالي اختيار المضادات الحيوية الأكثر فعالية لعلاج المرضى.