تشهد السنوات الأخيرة ظاهرة لافتة تتمثل في دخول الأطفال سن البلوغ في أعمار مبكرة عما كان متعارفًا عليه سابقاً. تثير هذه الظاهرة تساؤلات حول أسبابها وتبعاتها، وتسلط الضوء على دور العوامل البيئية والغذائية في التأثير على توقيت بداية سن البلوغ.
التغيرات الجسدية والنفسية في سن البلوغ
من المعروف أن سن البلوغ يمثل مرحلة مهمة في حياة الأطفال، تتجلى فيها تغيرات هرمونية تؤدي إلى تطورات جسدية ونفسية واضحة. تبدأ هذه المرحلة عندما يزيد الجسم من إنتاج هرمونات مثل الإستروجين والجستاجين لدى الفتيات والتستوستيرون لدى الفتيان، مما يؤدي إلى تغيرات جسدية كظهور شعر العانة ونمو الثدي عند الفتيات وبدء الاحتلام وتغيير الصوت عند الفتيان. في الأعوام الأخيرة، لوحظت هذه التغيرات في وقت مبكر، حيث أظهرت دراسة أجريت عام 2013 أن متوسط سن البلوغ لدى الفتيات قد بدأ يتقدم عن المعدلات السابقة بنحو عام، مما يثير التساؤل حول الأسباب وراء هذه الظاهرة.
دور السمنة وأسلوب الحياة المعاصر في تسريع سن البلوغ
يبدو أن عوامل مثل السمنة ونمط الحياة المعتمد على قلة الحركة وساعات طويلة أمام الشاشات، خاصة خلال فترة جائحة كورونا، قد أسهمت في ظهور سن البلوغ مبكرًا. فقد أظهرت الأبحاث أن الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن يفرزون المزيد من مادة اللبتين في أنسجتهم الدهنية، والتي ترسل إشارات إلى الدماغ للشروع في البلوغ. إضافةً إلى ذلك، يعتقد العلماء أن الاضطرابات في إيقاع الليل والنهار والضغوط النفسية والاجتماعية خلال الجائحة قد أثرت على التوازن الهرموني للأطفال.
تأثير المواد الكيميائية في البيئة على سن البلوغ
يشتبه الباحثون في أن المواد الكيميائية المنتشرة في البيئة قد تساهم في تقديم موعد سن البلوغ. حيث ثبت علمياً أن مبيدات الحشرات وبعض المكونات الموجودة في منتجات العناية الشخصية، مثل الفثالات والبارابين، قد تؤثر على مستوى الهرمونات في الجسم، مما يسهم في بلوغ الفتيات في وقت أبكر. كما يُعتقد أن المواد الملدنة المستخدمة في صناعة البلاستيك قد تؤثر سلبًا على الهرمونات، ما يوضح تأثير البيئة المحيطة على الصحة الهرمونية للأطفال.
هل من حلول للحد من البلوغ المبكر؟
مع تزايد الأدلة حول دور العوامل البيئية والغذائية في تسريع سن البلوغ، بات من الضروري التركيز على تحسين نمط الحياة للأطفال وتقليل تعرضهم للمواد الكيميائية الضارة، إضافة إلى تعزيز التوعية حول السمنة وأهمية النشاط البدني منذ سن مبكرة.