يبدو أن العالم قد يشهد ثورة في مجال مكافحة الإنفلونزا قريبًا، حيث أعلن فريق من العلماء في الولايات المتحدة عن ابتكار لقاح أحادي الجرعة يمكن أن يمنح حماية مدى الحياة ضد جميع أشكال الإنفلونزا. جاء الإعلان بعد تجربة واعدة على الحيوانات أظهرت قدرة اللقاح على توليد استجابة مناعية قوية ضد فيروسات الإنفلونزا المتغيرة. وقد يكون هذا اللقاح متاحًا للجمهور خلال خمس سنوات فقط.
اللقاحات التقليدية ليست كافية
تتحور فيروسات الإنفلونزا بشكل مستمر، ما يستلزم تطوير لقاحات جديدة كل عام. ومع ذلك، اعتمد العلماء في هذه التجربة على نهج مبتكر يستهدف جزءًا من الفيروس لا يتحور مع مرور الوقت، وهو جوهر الفيروس نفسه، بدلًا من البروتينات الشوكية التي تبرز من سطحه ويمكنها التهرب من الأجسام المضادة التي ينتجها جهاز المناعة.
تقنية متقدمة مستوحاة من مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية
يعتمد اللقاح الجديد على تكنولوجيا تم تطويرها في الأصل لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، إذ يستخدم فيروسًا غير ضار يُسمى الفيروس المضخم للخلايا (CMV) لتوصيل جزء من الشفرة الوراثية لفيروس الإنفلونزا إلى خلايا الجسم، مقلدًا العدوى لتحفيز جهاز المناعة على تكوين استجابة مناعية قوية.
نتائج مشجعة على القرود.. حماية من فيروس قاتل
في الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature Communications، اختبر العلماء اللقاح على 11 قردًا تعرّضوا لفيروس إنفلونزا الطيور H5N1، الذي يُعتقد أنه قد يتحول إلى وباء بشري خطير. كانت النتائج مذهلة، إذ أن القرود التي تم تطعيمها ضد الإنفلونزا الإسبانية التي اجتاحت العالم قبل قرن، أظهرت قدرة على النجاة من الفيروس الحديث، بينما القرود غير المحصنة في المجموعة الضابطة ماتت بسبب المرض.
استهداف خلايا الذاكرة التائية.. خطوة متقدمة في حماية طويلة الأمد
يركز النهج الجديد على تنشيط نوع معين من الخلايا المناعية في الرئتين يُسمى “خلايا الذاكرة التائية المستجيبة”، التي تتميز بقدرتها على التعرف على البروتينات الثابتة في جوهر الفيروس، وبالتالي توفير حماية مستدامة ضد سلالات الفيروس المختلفة.
لقاح في غضون خمس سنوات
أعرب الأستاذ جونا ساشا من جامعة أوريغون للصحة والعلوم عن تفاؤله بأن هذا اللقاح قد يصبح متاحًا خلال خمس سنوات أو أقل، موضحًا: “عادةً ما يؤدي هذا النوع من الأبحاث إلى تقدم تدريجي في العلم، لكن في هذه الحالة قد نشهد تقدمًا ثوريًا يغيّر مسار الوقاية من الإنفلونزا”.
هل يمكن أن نودع الإنفلونزا للأبد؟
مع تقدم الأبحاث وظهور تقنيات مبتكرة، قد نشهد في المستقبل القريب تطورًا كبيرًا في مكافحة أوبئة الإنفلونزا، مما يفتح الباب أمام احتمال وقف انتشار الفيروس المتحور والحد من تأثيره القاتل على مستوى العالم.