تُعد أمراض القلب من أخطر التحديات الصحية عالمياً، حيث تسجل سنوياً حوالي 17.9 مليون وفاة، ما يعادل 32% من إجمالي الوفيات حول العالم. هذه الأرقام، التي تضع أمراض القلب على قمة مسببات الوفاة وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تفرض ضرورة الابتكار في أساليب الوقاية والتشخيص المبكر للحد من انتشارها. وبفضل التطور التكنولوجي، تتجه العديد من الدول، ومنها المملكة العربية السعودية، إلى تعزيز الرعاية الصحية الوقائية باستخدام أدوات رقمية مبتكرة لتقييم مخاطر الإصابة بأمراض القلب.
أمراض القلب.. تهديد عالمي يستدعي استجابة عاجلة
تشير الدراسات الحديثة إلى أن معظم أمراض القلب يمكن الوقاية منها من خلال اتباع نمط حياة صحي؛ إذ أوضحت الأبحاث أن حوالي 80% من حالات أمراض القلب يمكن تجنبها عبر التعديلات في التغذية، والنشاط البدني، والتحكم في مستويات التوتر. ومع ذلك، لا تزال التوترات اليومية والإجهاد عوامل رئيسية تسهم في ارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب، حيث تزيد من هذه المخاطر بنسبة تصل إلى 40%. هذا الأمر يدفع نحو تطوير أدوات مبتكرة تُسهل من تقييم المخاطر وتُحسن فرص الوقاية.
التكنولوجيا في خدمة القلب.. أداة تقييم المخاطر الرقمية
أطلقت المملكة العربية السعودية مؤخراً “أداة تقييم المخاطر على القلب” (Heart Risk Assessment Tool)، والتي تعد قفزة نوعية في مجال الكشف المبكر عن أمراض القلب. تعمل هذه الأداة، التي طُوّرت بالتعاون مع كبرى شركات الصحة الرقمية، على تقدير مخاطر الإصابة دون الحاجة إلى فحوصات مختبرية معقدة، مما يسهل الوصول إلى التشخيصات المبكرة، ويعزز وعي المرضى بأهمية الحفاظ على صحة القلب. هذه الأداة، التي تعتمد على خوارزميات متقدمة لتحليل البيانات الصحية، تعكس تحولاً كبيراً في كيفية الوقاية من أمراض القلب بطرق رقمية تعتمد على البيانات وتحليل المخاطر.
نمط الحياة الصحي ودوره في الوقاية من أمراض القلب
أكد الدكتور عادل طاش، المدير العام لمركز القلب الوطني في المملكة، على أهمية تبني نمط حياة صحي للحد من مخاطر أمراض القلب. مشيراً إلى دور التغذية السليمة، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والسيطرة على مستويات التوتر في تقليل معدلات الإصابة بأمراض القلب. وقد أثبتت الدراسات أن التوتر المستمر يُعد أحد العوامل الرئيسية التي تزيد من مخاطر أمراض القلب؛ ولذلك، يُنصح المرضى بتبني استراتيجيات صحية تُقلل من التوتر، مثل التأمل واليوغا.
حملة “احمِ قلبك”.. تعزيز الوعي والوقاية في السعودية
في إطار جهود وزارة الصحة السعودية للحد من انتشار أمراض القلب، انطلقت حملة “احمِ قلبك” بالتعاون مع شركات صحية رائدة، تهدف إلى فحص مليون مواطن من الفئات الأكثر عرضة للإصابة. وتأتي هذه الحملة ضمن رؤية المملكة 2030 لتعزيز الصحة العامة، باستخدام تقنيات الصحة الرقمية الحديثة مثل تحليل البيانات الكبيرة، لتوفير رعاية طبية متكاملة وفعالة لمواجهة هذا التحدي الصحي.
وتُعد الابتكارات الرقمية مثل “أداة تقييم مخاطر القلب” وحملات التوعية مثل “احمِ قلبك” خطوات متقدمة نحو مواجهة أمراض القلب التي أصبحت شبحاً يهدد حياة الملايين. إن تبني نمط حياة صحي وإجراء الفحوصات المنتظمة يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في الوقاية من أمراض القلب.