تلعب الموسيقى دوراً فاعلاً في حياة الإنسان اليومية، فهي ليست مجرد وسيلة للتسلية أو الاسترخاء، بل تُستخدم في علاج العديد من الحالات الطبية، من إدارة الألم المزمن إلى مساعدة الدماغ على التعافي بعد السكتة الدماغية. ومع تزايد الأبحاث العلمية، أظهرت الموسيقى أيضاً تأثيراً كبيراً في تحسين حياة مرضى الخرف، عبر تقليل القلق والاكتئاب، وتعزيز قدرتهم على التكيّف مع تحديات المرض.
تأثير الموسيقى على الدماغ
أظهرت الأبحاث على مدى السنوات الماضية أن الاستماع إلى الموسيقى يُنشّط عدة مناطق في الدماغ، منها المناطق المرتبطة بالعواطف والذاكرة والحركة. وتكمن أهمية هذه التأثيرات في دورها بتحفيز تجديد الخلايا العصبية وتعزيز الروابط بينها، وهي جوانب تضعف لدى المصابين بالخرف نتيجة موت الخلايا الدماغية. ويبدو أن الموسيقى المألوفة والمفضلة لها التأثير الأقوى، حيث تُحفز إفراز هرمونات السعادة وتُثير الذكريات المرتبطة بأغانٍ معينة، ما يساعد المرضى على استعادة بعض التجارب العاطفية القديمة.
طريق للهدوء والتذكر
تُظهر الدراسات أن الاستماع إلى الموسيقى يمكن أن يحسن من حالات المرضى المزاجية، ويقلل من السلوكيات العدوانية. وتتمثل فعالية العلاج في تخصيص قوائم موسيقية مألوفة للمريض، حيث تُعد تلك القوائم وسيلة لتحفيز الذكريات الإيجابية والمساعدة على التكيف مع أعراض الخرف. وفي دراسة حديثة لمعهد “كامبريدج” لأبحاث العلاج بالموسيقى، لوحظ أن معدل ضربات القلب لدى المرضى يتغير عند الاستماع لأغانٍ معينة، كما يستعيدون ذكريات قديمة ويتفاعلون مع الموسيقى جسدياً.
تقليل الاعتماد على الأدوية وتحسين الحياة اليومية
إضافةً إلى التحسن الملحوظ في المزاج، أظهرت الدراسات أن الموسيقى تقلل من حاجة المرضى للأدوية. يُعزى ذلك إلى التأثير المهدئ والمحفز للموسيقى الذي يساهم في تقليل نوبات القلق والاكتئاب وتحسين الرفاهية العامة، مما يُعيد الأمل لأسر المرضى ومقدمي الرعاية بأن الموسيقى قد تكون وسيلة فاعلة وغير تقليدية لتحسين نوعية حياة مرضى الخرف.
تُبرز الأبحاث العلمية الدور العلاجي الفاعل للموسيقى، حيث تمتد فوائدها لتشمل تحفيز الذاكرة، تحسين الحالة المزاجية، وتعزيز التكيّف مع أعراض الخرف، مما يجعلها أداةً غير تقليدية لكنها ذات تأثير عميق، تسهم في تحسين حياة المصابين بهذا المرض الصعب.