في الآونة الأخيرة، انتشرت شائعات حول تدهور الحالة الصحية لرئيسي دولتين أفريقيتين، مما أثار تساؤلات حول سرية المعلومات المتعلقة بصحة القادة على مستوى القارة. بدأت الأزمة في الكاميرون مع الرئيس بول بيا، الذي يبلغ من العمر 91 عامًا، حيث نفى وزراؤه أي أخبار عن مرضه مؤكدين تمتعه بـ”صحة ممتازة”، بينما مُنعت وسائل الإعلام من الحديث حول حالته الصحية. وعلى المنوال ذاته، نشر القصر الرئاسي في مالاوي مقاطع فيديو تظهر الرئيس لازاروس تشاكويرا يمارس الرياضة، نافيًا شائعات تدهور صحته.
سياسة “التظاهر بالقوة”
يقول مايلز تيندي، الأستاذ المشارك في السياسة الأفريقية بجامعة أكسفورد، إن إخفاء المعلومات حول الحالة الصحية للقادة يعكس ثقافة سياسية تقوم على إظهار القوة والصلابة، مشيرًا إلى أن “الضعف والهشاشة ليس لهما مكان في السياسة”. يلجأ القادة الأفارقة إلى تكتيكات مختلفة لدحض الشائعات، مثل ممارسة الأنشطة البدنية علنًا، إلا أن الهدف يبقى واحدًا: حماية صورة السلطة والسيطرة وإبعاد المنافسين.
الصحة والسياسة.. العلاقة الجدلية
ربط القادة الأفارقة بشكل غير مباشر بين صحتهم الشخصية واستقرار دولهم، حيث يُعتبر الكشف عن مرض الزعيم مسألة حساسة ذات تداعيات سياسية واقتصادية. يوضح أديكي أديباجو، أستاذ في جامعة جوهانسبرغ، أن تدهور صحة الزعيم يُعامل كسر من أسرار الدولة، لأن الكشف عنه قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية أو اقتصادية.
قادة مرضى ومستقبل مضطرب
شهدت القارة الأفريقية حوادث تاريخية كان للتكتم على صحة الزعماء دور فيها، مثل وفاة الرئيس الكونغولي لوران ديزيريه كابيلا، حيث رفضت السلطات الاعتراف بمقتله مباشرة وأعلنت نقله إلى زيمبابوي لتلقي العلاج، قبل أن يتبين لاحقًا أن جثته كانت تُنقل عبر القارة في عملية مسرحية معقدة. وتكررت حالات مماثلة في دول مثل زامبيا وغانا، حيث توفي رؤساء أثناء توليهم مناصبهم، غير أن الإجراءات الدستورية سارت بسلاسة، مقارنة بدول أخرى شهدت فراغًا قياديًا أثار مخاوف من صراع على السلطة.
الثقافة والتكتم على الصحة
يلفت المزارع النيجيري أبيكو آدامز إلى أن تكتم القادة الأفارقة على صحتهم قد يكون مرتبطًا بعادات ثقافية، حيث يُعتبر إخفاء الحالة الصحية جزءًا من عملية الشفاء. ورغم ذلك، يرى البعض أن المواطنين يحق لهم معرفة حالة القادة الصحية، نظرًا لتأثيرها على البلاد.
دعوات لمزيد من الشفافية
مع تزايد الشباب في السكان الأفارقة وسعي المزيد من الدول إلى إرساء إجراءات صارمة لخلافة الحكم، تتزايد الدعوات لتحقيق الشفافية في ما يتعلق بصحة القادة. وعلى الرغم من التحديات السياسية والعسكرية التي تواجه بعض الدول، يبقى الأمل قائمًا في أن تتحسن الشفافية مستقبلًا، خصوصًا في الدول ذات الأنظمة الديمقراطية الناشئة.