كشفت دراسات حديثة أن المهام اليومية البسيطة، مثل التفكير في ما نأكله أو نرتديه، قد تستنزف طاقة الدماغ بشكل يفوق التوقعات، مما يجعلنا نشعر بالإرهاق طوال اليوم، ويزداد هذا التأثير كلما ازدادت المهام المعرفية البسيطة التي نقوم بها، حتى نجد أنفسنا غير قادرين على اتخاذ قرارات سليمة بحلول نهاية اليوم.
المهام الصعبة واتخاذ القرارات
أفاد خبراء من معهد باريس للدماغ في فرنسا أن اتخاذ القرارات يؤدي إلى تراكم مادة كيميائية تُعرف باسم “الغلوتامات”، وهي ناقل عصبي يستخدمه الدماغ لإرسال الإشارات بين الخلايا العصبية، ومع تكرار اتخاذ القرارات، يتزايد تراكم الغلوتامات في القشرة الجبهية الجانبية، وهي المنطقة المسؤولة عن التعامل مع المهام الصعبة واتخاذ القرارات، مما يؤدي إلى ما يشبه “انسداد” في الدماغ يعرقل التفكير العقلاني.
ولاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين ينجزون مهاماً أكثر تعقيداً يظهرون علامات إضافية للإرهاق الذهني، مثل اتساع حدقة العين، مما يعكس استجابة الجسم للتعب العصبي.
دور النوم في استعادة توازن الدماغ
أوضح الخبراء أن النوم يلعب دوراً مهماً في إعادة مستويات الغلوتامات إلى طبيعتها، مما يساعد على تخفيف الضغط العصبي الذي يتعرض له الدماغ، ومع ذلك، أكدوا على ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بشكل أعمق.
الإرهاق يتأثر بتوقيت اتخاذ القرارات
تشير دراسات سابقة إلى أن الإجهاد الناتج عن اتخاذ القرارات يؤثر بشكل واضح على قدرتنا على التفكير السليم، حيث وجدت دراسة نُشرت في مجلة “Chronobiology International” عام 2016 أن الناس يتخذون قرارات أكثر عقلانية في وقت مبكر من اليوم.
وكشفت دراسة أخرى، نُشرت في مجلة “Retailing and Consumer Services” عام 2021، أن المشاركين كانوا أكثر عرضة للقرارات الاندفاعية في وقت متأخر من اليوم.
تعكس هذه النتائج الحاجة إلى إعادة النظر في طريقة إدارة المهام اليومية وتنظيم الوقت بشكل يخفف من العبء العقلي، ويساهم في تحسين جودة الحياة والتفكير السليم.