كشف فريق بحثي دولي، بقيادة جامعة أولو الفنلندية، عن نتائج دراسة جديدة قد تُحدث ثورة في فهم وعلاج ألم العصب الوركي، وهو أحد أكثر الأمراض انتشارًا في أسفل الظهر. الدراسة التي تناولت الانزلاق الغضروفي القطني، وهو السبب الرئيسي لألم العصب الوركي، قد تفتح أفقًا جديدًا لفهم الجذور الجينية لهذا المرض.
العصب الوركي والانزلاق الغضروفي.. العلاقة بين التغيرات الجينية والألم المزمن
يعد الانزلاق الغضروفي القطني من الأسباب الشائعة لآلام أسفل الظهر التي تمتد إلى الساقين، والمعروفة أيضًا بعرق النسا. يحدث هذا الألم عندما يضغط القرص الفقري المنزلق على الأعصاب في منطقة أسفل الظهر، ما يؤدي إلى تهيج العصب الوركي. وفي حين أن العوامل الالتهابية تُعتبر من المسببات الرئيسية لتفاقم الأعراض، فإن الدور الذي تلعبه الجينات في تطور هذا المرض كان موضوعًا أقل دراسة حتى الآن.
الدراسة الجديدة استخدمت بيانات من مشاريع دولية بارزة، مثل FinnGen والبنك الحيوي الإستوني والبنك الحيوي البريطاني، حيث تم تحليل الجينات والبيانات الصحية لما يقارب 830 ألف مشارك. وركزت الدراسة على تحديد التغيرات الجينية التي تؤثر على خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، مما قد يساعد في فهم العلاقة بين هذه التغيرات والألم الذي يعاني منه الكثير من المرضى.
41 منطقة جينية جديدة تكشف عن العلاقة بين الجينات وألم العصب الوركي
أظهرت نتائج الدراسة اكتشاف 41 منطقة جينية جديدة تؤثر على خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة تم تحديدها في دراسات سابقة. ويُعتقد أن هذه المناطق الجينية تلعب دورًا في التأثير على بنية الأقراص الفقرية، فضلاً عن تأثيرها على العوامل الالتهابية التي تؤدي إلى تفاقم الألم.
أحد الاكتشافات البارزة في الدراسة كان الربط بين بعض الجينات ووظائف الجهاز العصبي، مما يعزز الفهم حول كيفية ارتباط الانزلاق الغضروفي بالعصب الوركي. هذه الاكتشافات قد تسهم في تطوير أساليب جديدة لعلاج الألم الإشعاعي الممتد، الذي ينتشر على طول مسار العصب من العمود الفقري إلى الساقين.
دور الجينات في تحديد شدة المرض واحتياج المرضى للجراحة
أشارت الدراسة أيضًا إلى أنها تمكنت من تحديد 5 مناطق جينية جديدة ترتبط بالحالات الأكثر شدة من الانزلاق الغضروفي، التي تتطلب التدخل الجراحي. ويقول فيلي سالو، الباحث الرئيسي في جامعة أولو، إن هذه الجينات قد تساهم في تفسير استمرار الألم لدى المرضى، حيث لاحظ الفريق الطبي وجود اختلافات ملحوظة في شدة الألم بين المرضى الذين يعانون من الانزلاق الغضروفي.
مستقبل علاج ألم العصب الوركي: نتائج قد تساهم في تطوير حلول طبية وقائية
يؤكد الباحثون أن نتائج هذه الدراسة تُعد خطوة هامة نحو تطوير حلول طبية مبتكرة لعلاج ألم العصب الوركي. ويأمل العلماء أن تسهم هذه الاكتشافات في تطوير طرق جديدة لإدارة الألم لدى المرضى، وتحسين جودة حياتهم.
كما يضيف البروفيسور جوهاني ماتا، المتخصص في الطب الطبيعي: “نأمل أن تُستخدم نتائج هذه الدراسة لتطوير أساليب جديدة تُساعد في إدارة الألم لدى المرضى الذين يعانون من ألم العصب الوركي الناتج عن الانزلاق الغضروفي، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم.”
نتائج واعدة قد تُغير طريقة علاج ألم العصب الوركي
تفتح هذه الدراسة آفاقًا واسعة لفهم دور الجينات في تطور ألم العصب الوركي، ما يتيح للباحثين تصميم استراتيجيات علاجية أكثر تخصيصًا وفعالية. مع تقدم الأبحاث في هذا المجال، قد تُصبح الجينات العامل الرئيسي في تحديد العلاج الأنسب للمريض، ما يعزز فرص علاج الألم المزمن وتحسين حياة المرضى.