في تطور علمي مهم، كشف فريق من الباحثين من المعهد الألماني للأنثروبولوجيا التطورية، عن أدلة جديدة تشير إلى أن مرض الزهري (السفلس) نشأ في القارة الأمريكية، وليس في أوروبا كما كان يُعتقد سابقًا، واستندت الدراسة إلى فك رموز جينومات العامل المسبب للمرض من بقايا سكان أمريكا الأصليين الذين عاشوا قبل اكتشاف كريستوفر كولومبوس للعالم الجديد، وأجرى العلماء تحليلًا لجينومات 80 من سكان أمريكا القدماء، حيث وجدوا أجزاء من الحمض النووي للبكتيريا المسببة للزهري، وهي اللولبية الشاحبة، في عظام خمس بقايا بشرية.
أصل مرض السفلس
وأظهرت النتائج أن هذه البكتيريا كانت موجودة في أمريكا قبل وصول الأوروبيين بفترة طويلة، وبحسب منظمة الصحة العالمية، يُعتبر الزهري أحد الأمراض المنقولة جنسيًا التي لا تزال تشكل تهديدًا صحيًا عالميًا، وهناك حوالي 7 ملايين إصابة جديدة سنويًا حول العالم.
وتقول الدكتورة كريستين بوس، رئيسة المجموعة العلمية في المعهد: “تشير المعلومات الجينية بوضوح إلى أن مرض الزهري الحديث ومسببات الأمراض المماثلة نشأت في أمريكا، ومنها انتقلت إلى أوروبا في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي.”
وبحسب الباحثين، لم يكن الأوروبيون على دراية بمرض الزهري حتى عصر الاكتشافات الجغرافية، وتشير الأدلة إلى أن المستكشفين الذين عادوا من أمريكا قد حملوا المرض معهم، ما أدى إلى تفشيه في أوروبا ومن ثم انتشاره إلى جميع أنحاء العالم.
وأوضحت “بوس” أنه تم اكتشاف بقايا أشخاص من عصور ما قبل كولومبوس في العديد من مناطق أوروبا، تظهر عليهم تشوهات عظمية مميزة لمرض الزهري، ومع ذلك، يشير الباحثون إلى أن هذه الاكتشافات لا تشكل دليلًا قاطعًا على أن المرض نشأ في أوراسيا.
وأظهرت مقارنة الحمض النووي للبكتيريا الأمريكية القديمة مع السلالات الحديثة أن جميع الاختلافات الجينية في مسببات الزهري تنبع من مصدر واحد في أمريكا، وأوضحت الدراسة أن هذه البكتيريا كانت تمتلك جينات أساسية ساعدتها على الانتشار السريع بين البشر، ما يؤكد فرضية أن أمريكا هي نقطة الأصل للمرض.