كشفت دراسة علمية حديثة عن متغيرات جينية فريدة قد تساعد في تفسير قدرة بعض الأشخاص على العيش لما يتجاوز 100 عام، مما يفتح آفاقًا جديدة في فهم آليات الشيخوخة والتعمير البشري.
اكتشاف الجينات النادرة المسؤولة عن طول العمر
أجرى باحثون من جامعة تشالمرز للتكنولوجيا في السويد وجامعة كاليفورنيا في بيركلي دراسة مهمة حول الجينات المرتبطة بطول العمر، واستخدم الفريق البحثي تقنيات متقدمة في التسلسل الجيني لفحص الجينوم الكامل لـ 496 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 100 و108 سنوات من السويد والدنمارك، ومقارنتهم مع 439 شخصًا من الفئة العمرية 65-80 عامًا، واكتشف الباحثون مجموعة من المتغيرات الجينية النادرة التي تظهر بشكل متكرر لدى المعمرين، وقد تم نشر نتائج هذه الدراسة في مجلة “نيتشر إيجينج”.
خصائص الجينات النادرة وعلاقتها بالعمر الطويل
أظهرت الدراسة أن المعمرين يمتلكون متغيرات جينية نادرة في مناطق من الجينوم مرتبطة بوظائف حيوية مثل إصلاح الحمض النووي وصيانة الخلايا وإصلاح التلف الخلوي، وقد وجد الباحثون أن هذه المتغيرات النادرة تلعب دورًا مهمًا في حماية الجسم من الأمراض المرتبطة بالعمر، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والتنكس العصبي، وكشفت الدراسة أن الجينات النادرة للعمر الطويل تُطور آليات محسنة لإصلاح الضرر الخلوي ومكافحة الالتهابات المزمنة، مما يساعد في الحفاظ على وظائف الأعضاء لفترة أطول.
تعرف على: العوامل البيئية ونمط الحياة تلعب دورًا أكبر في الصحة والوفاة المبكرة مقارنة بالجينات
الاختلافات الوراثية بين المعمرين والسكان العاديين
وفقًا للدكتورة ينغتينغ وو، الباحثة الرئيسية في الدراسة، فإن “الأشخاص الذين يعيشون أكثر من 100 عام يمثلون أقل من 0.1% من السكان”، وأضافت أن “هؤلاء الأشخاص يتمتعون بخصائص وراثية استثنائية تسمح لهم بتجنب أو تأخير الأمراض المرتبطة بالعمر”، وأشارت الدراسة إلى أن المعمرين غالبًا ما يبقون بصحة جيدة حتى سنوات متأخرة من حياتهم، مع فترة مرض قصيرة نسبيًا في نهاية حياتهم، وهو ما يُعرف بـ “ضغط المراضة”، وأكد الباحثون أن فهم الجينات النادرة للعمر الطويل قد يساعد في تطوير استراتيجيات للتدخل الطبي لتعزيز الصحة مع التقدم في العمر.
الآثار المستقبلية لاكتشاف الجينات النادرة للعمر الطويل
أشار البروفيسور يان ناستروم، أحد المشاركين في الدراسة، إلى أن “هذا البحث يمثل خطوة مهمة نحو فهم أفضل للآليات الجزيئية التي تساهم في طول العمر والصحة الجيدة في الشيخوخة”، وأضاف أن “اكتشاف هذه المتغيرات الجينية النادرة يفتح آفاقًا جديدة لتطوير علاجات مستهدفة قد تساعد في تعزيز الصحة وإطالة العمر”، وأكد الباحثون أن الهدف ليس بالضرورة زيادة طول العمر، بل تحسين نوعية الحياة في السنوات المتأخرة، والوقاية من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة، وقد أشاروا إلى أن الدراسات المستقبلية ستركز على كيفية الاستفادة من هذه الاكتشافات في تطوير تدخلات طبية فعالة.
توصيات للحفاظ على الصحة وإطالة العمر
على الرغم من أهمية العوامل الوراثية، أكد الباحثون أن نمط الحياة يلعب دورًا مهمًا أيضًا في تحديد طول العمر وجودته، وقدموا مجموعة من التوصيات للحفاظ على الصحة وإطالة العمر، منها اتباع نظام غذائي متوازن غني بمضادات الأكسدة، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والحفاظ على نشاط الدماغ من خلال التعلم المستمر والتحفيز الفكري، والحفاظ على العلاقات الاجتماعية الإيجابية، وإدارة التوتر، وتجنب التدخين واستهلاك الكحول بإفراط، وشددوا على أن التفاعل بين الجينات ونمط الحياة قد يكون له تأثير أكبر من أي عامل منفرد في تحديد طول العمر.