كشفت دراسة علمية حديثة عن استراتيجية مبتكرة في الإقلاع عن التدخين تجمع بين تحفيز الدماغ والتمارين الرياضية، وقد أجريت الدراسة في جامعة بنسلفانيا الأمريكية على مجموعة من المدخنين المزمنين الذين فشلوا سابقاً في محاولات الإقلاع عن التدخين بالطرق التقليدية، وأظهرت النتائج معدلات نجاح تفوق بكثير الطرق العلاجية المعتادة.
تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة
استخدمت الدراسة تقنية متطورة تعرف باسم “التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة” (TMS)، وهي طريقة غير جراحية تستخدم مجالات مغناطيسية لتحفيز مناطق محددة في الدماغ، وقد استهدفت العلاج مناطق في القشرة الأمامية الجبهية المرتبطة بالسيطرة على الدوافع والرغبة في التدخين، وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين تلقوا هذا العلاج شهدوا انخفاضاً بنسبة 45% في الرغبة الشديدة للتدخين خلال فترة الدراسة.
تعرف على: الحوافز المالية.. سلاح فعّال للإقلاع عن التدخين
دور التمارين الرياضية في تعزيز الإقلاع عن التدخين
أشارت الدراسة إلى أن دمج التمارين الرياضية متوسطة الشدة مع جلسات تحفيز الدماغ ضاعف معدلات النجاح في الإقلاع عن التدخين، حيث وجد الباحثون أن المشاركين الذين مارسوا التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة يومياً إلى جانب تلقي جلسات التحفيز المغناطيسي كانوا أكثر قدرة على الامتناع عن التدخين بنسبة 68% مقارنةً بالمجموعة التي تلقت التحفيز المغناطيسي فقط، وقال الدكتور مايكل جونسون، قائد فريق البحث، “التمارين الرياضية تطلق مواد كيميائية طبيعية في الدماغ تساعد في تخفيف أعراض الانسحاب وتحسين المزاج”.
اقرأ أيضًا: فوائد التمارين الرياضية..مفتاح صحة قلبية وعقلية وجسدية أفضل
آلية عمل التحفيز المغناطيسي والتمارين معاً
كشفت الدراسة عن الآلية التي يعمل من خلالها الجمع بين التحفيز المغناطيسي والتمارين الرياضية، حيث وجد الباحثون أن هذا النهج المزدوج يؤدي إلى تغييرات في مستويات الناقلات العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين، وهي مواد كيميائية في الدماغ تلعب دوراً حاسماً في الشعور بالمكافأة والمتعة، وقد أظهرت فحوصات التصوير العصبي أن المشاركين الذين خضعوا للعلاج المزدوج أظهروا نشاطاً أقل في مناطق الدماغ المرتبطة بالإدمان عند تعرضهم لمحفزات التدخين.
النتائج طويلة المدى
تابعت الدراسة المشاركين لمدة عام كامل بعد انتهاء العلاج، وأظهرت النتائج أن 42% من المشاركين الذين تلقوا العلاج المزدوج ظلوا ممتنعين عن التدخين بعد عام، مقارنةً بنسبة 8% فقط في المجموعة التي تلقت العلاج الدوائي التقليدي، وقد أشار الباحثون إلى أن هذه النتائج تعتبر تقدماً كبيراً في مجال الإقلاع عن التدخين، خاصة وأن معدلات الانتكاس بعد محاولات الإقلاع عن التدخين تكون عادة مرتفعة جداً.
الآثار الجانبية والتحديات العملية
رغم النتائج المشجعة، أشارت الدراسة إلى بعض التحديات العملية والآثار الجانبية المحتملة، فقد أبلغ بعض المشاركين عن صداع خفيف وعدم راحة أثناء جلسات التحفيز المغناطيسي، كما أن الحاجة إلى جلسات متعددة قد تشكل عائقاً لبعض الأشخاص، ومع ذلك، يرى الباحثون أن فوائد الإقلاع عن التدخين تفوق بكثير هذه التحديات، خاصة بالنظر إلى التكلفة الباهظة والآثار الصحية الخطيرة للتدخين على المدى الطويل.