في واحدة من أضخم الدراسات الجينية المتعلقة بالصرع، نجح باحثون من أكثر من 20 دولة بقيادة جامعة كارديف البريطانية، في الكشف عن مجموعة من الجينات التي قد تفسّر أسباب مقاومة الصرع لدى بعض المرضى، وتفتح المجال لتطوير علاجات أكثر فعالية مستقبلًا، وشملت الدراسة ما يزيد عن 33 ألف مصاب بالصرع، تم تحليل بياناتهم الوراثية من خلال جهود مشتركة بين أكثر من 300 مؤسسة أكاديمية، ضمن مبادرة (Epi25) التابعة للكونسورتيوم العالمي للصرع، هذه البيانات كشفت عن ارتباط بعض المتغيرات الجينية بمقاومة الأدوية، خاصة في حالات الصرع البؤري.
كيف تساهم الجينات في أسباب مقاومة الصرع؟
أوضح الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من صرع يصعب علاجه، غالبًا ما يحملون طفرات جينية تؤثر على كيفية استجابة الدماغ للأدوية، وتمنع فعالية العلاجات التقليدية. وبهذا، فإن أسباب مقاومة الصرع قد تكون متجذرة في التكوين الجيني للفرد، وليس فقط في نمط المرض نفسه أو العوامل البيئية، كما بيّنت الدراسة أن التركيز على الجينات المرتبطة بالخلايا العصبية المسؤولة عن إثارة النوبات يمكن أن يؤدي إلى فهم أعمق للمشكلة، وتطوير علاجات تستهدف تلك المسارات البيولوجية تحديدًا.
تعرف على: الصرع .. 3 أنواع شائعة .. والوفاة المفاجئة نادرة الحدوث
الصرع البؤري الأكثر ارتباطًا بالمقاومة
من بين الأنواع المختلفة للصرع، يعد الصرع البؤري هو الأكثر ارتباطًا بحالات المقاومة للعلاج، وهو ما تم إثباته من خلال التحليل الجيني الذي كشفت عنه الدراسة. هذا النوع من الصرع غالبًا ما يبدأ في منطقة محددة من الدماغ، لكنه يظهر مقاومة شديدة للعلاجات المعتمدة، ويرى الباحثون أن هذه النتائج تدفع إلى مراجعة منهجية علاج هذا النوع من الصرع تحديدًا، مع ضرورة فحص أسباب مقاومة الصرع قبل اتخاذ قرارات دوائية تقليدية.
آفاق جديدة لعلاج وفهم أعمق للمشكلة
هذا الاكتشاف لا يقدم فقط تفسيرًا محتملاً لعدم استجابة بعض المرضى للعلاجات، بل يفتح الباب أمام تطوير فحوصات وراثية قد تُستخدم في المستقبل لتحديد أفضل خيارات العلاج منذ بداية التشخيص. فبدلًا من اتباع نهج التجربة والخطأ، يمكن للطبيب الاعتماد على البصمة الجينية للمريض لفهم أسباب مقاومة الصرع لديه واختيار العلاج الأنسب، وقد صرح البروفيسور كاري لودير من جامعة كارديف قائلًا: “إن هذه الدراسة تمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق طب شخصي في علاج الصرع، حيث يمكن استخدام المؤشرات الجينية لفهم المرض بشكل أدق وتوجيه العلاج بشكل أكثر كفاءة.
الدراسة تعزز أهمية التعاون العالمي
نجاح هذه الدراسة يعود بشكل كبير إلى التعاون الدولي غير المسبوق بين الباحثين والمؤسسات، وتوفير قاعدة بيانات وراثية ضخمة شملت مختلف الأعراق والجنسيات. هذه الخطوة تؤكد أن فهم أسباب مقاومة الصرع يتطلب تضافرًا عالميًا وجهودًا بحثية مكثفة، وهو ما تحقق في هذه المبادرة الفريدة.