في كشف علمي جديد يغير الفهم السائد حول أسباب التوحد، أكدت دراسة حديثة أن العوامل الوراثية والمضاعفات المتعلقة بالجنين أثناء الحمل قد تكون العلامات الأولى للإصابة بالتوحد، وليس الأسباب المباشرة له، والتوحد هو اضطراب نمائي عصبي يظهر في الطفولة المبكرة، ويؤثر على التواصل الاجتماعي والسلوك بطرق متفاوتة من شخص لآخر، وتشير التقديرات إلى أن 1 من كل 54 طفلًا في الولايات المتحدة يشخص بالتوحد، ما يجعل البحث في أسبابه أولوية علمية كبرى.
أسباب التوحد
ولطالما ارتبطت صحة الأم أثناء الحمل بخطر إصابة الطفل بالتوحد، لكن الدراسة الجديدة وجدت أن أسباب التوحد قد تكون ناتجة عن عوامل أخرى، مثل الجينات أو التعرض البيئي، وليس عن تأثير مباشر لصحة الأم على الجنين، وأكدت البروفيسورة ماغدالينا جانيكا، المؤلفة الرئيسية للدراسة وأستاذة طب الأطفال والمراهقين في جامعة نيويورك: “لا يوجد دليل قاطع على أن أيًّا من التشخيصات الطبية للأم يمكن أن تكون سببًا مباشرًا للتوحد.”
اقرأ أيضًا: تتناولها ملايين الحوامل.. الأدوية المضادة للالتهاب تهدد الجنين بالتوحد
المضاعفات المرتبطة بالجنين أثناء الحمل والتوحد
وأظهرت الدراسة أن المضاعفات المرتبطة بالجنين أثناء الحمل هي العامل الوحيد الذي ظل مرتبطًا إحصائيًّا بالتوحد، ومع ذلك، أوضح الباحثون أن هذه المضاعفات قد لا تكون سببًا للاضطراب، بل علامات مبكرة له، وهذا يعيد تشكيل الفهم العلمي للتوحد، حيث لم تعد صحة الأم أثناء الحمل العامل الحاسم، بل العوامل الوراثية والتأثيرات البيئية التي تبدأ قبل الولادة، وكشف البحث أن بعض الجينات المرتبطة بالاكتئاب قد تكون مشتركة مع تلك المتعلقة بالتوحد، فإذا كانت الأم تعاني من الاكتئاب أثناء الحمل، وتم تشخيص طفلها لاحقًا بالتوحد، فمن المحتمل أن يكون ذلك بسبب عوامل وراثية مشتركة وليس بسبب تأثير الاكتئاب نفسه على الجنين.
ومن جانبه، صرح الدكتور فاهي خاشادوريان، أستاذ الصحة العامة والطب النفسي للأطفال والمراهقين في جامعة نيويورك، قائلًا: “دراستنا هي الأولى من نوعها التي تستعرض التاريخ الطبي الكامل للأم والبحث في مجموعة واسعة من العوامل المحتملة، ما يفتح الباب لفهم أعمق للأسباب الفعلية وراء التوحد.” ولم يقتصر البحث على الأمهات فحسب، بل شمل أيضًا دراسة التاريخ الطبي للآباء، وأظهرت النتائج أن بعض التشخيصات الطبية للآباء كانت مرتبطة أيضًا بالتوحد لدى الأطفال، مما يشير إلى دور العوامل العائلية والوراثية في نشأة الاضطراب، وليس فقط صحة الأم أو بيئتها أثناء الحمل.