اضطراب طيف التوحد هو أحد أكثر القضايا الطبية والنفسية إثارة للجدل والاهتمام في عصرنا الحالي، إذ يعاني الملايين حول العالم من صعوبات اجتماعية وسلوكية تؤثر على حياتهم اليومية ومستقبلهم، ولفهم هذا الاضطراب بشكل أعمق وتوفير حلول تدعم المصابين به وأسرهم، في هذا الحوار الخاص، يجيب الدكتور وليد هندي، استشاري الأمراض النفسية، عن أهم التساؤلات المتعلقة بالتوحد، أسبابه، أعراضه، وكيفية التعامل معه، مع تسليط الضوء على التحديات اليومية التي تواجه المصابين وأسرهم.
بدايةً، ما هو اضطراب طيف التوحد وكيف يؤثر على المصابين به؟
اضطراب طيف التوحد هو حالة نمائية تؤثر على كيفية نمو الدماغ وتفاعل المصاب مع الآخرين، يظهر هذا الاضطراب في صعوبات في التواصل الاجتماعي، استخدام اللغة، وسلوكيات محدودة أو تكرارية، والمصابون يرون العالم بطرق مختلفة، مما يجعل تجربتهم الحسية والاجتماعية فريدة ومليئة بالتحديات، والتوحد ليس مرضًا، بل طريقة مختلفة لعمل الدماغ، وغالبًا ما يكون له نقاط قوة مميزة إلى جانب الصعوبات.
اقرأ أيضًا:تأثير الشاشات على الأطفال.. هل تسبب التوحد؟
ما هي أبرز أسباب التوحد؟
التوحد ينجم عن عوامل وراثية وجينية بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى بعض العوامل البيئية، والطفرات الوراثية تلعب دورًا كبيرًا، خصوصًا إذا كان أحد الوالدين أكبر سنًا عند الإنجاب، كما أن وجود تاريخ عائلي للإصابة بالتوحد يزيد من احتمالية الإصابة، فيما لا علاقة للتربية، أو اللقاحات، أو التغذية المباشرة بالتسبب في التوحد.

وماذا عن الأعراض التي تميز المصابين بالتوحد؟
تتفاوت الأعراض حسب شدة الحالة، لكنها غالبًا تشمل صعوبة في التواصل الاجتماعي وفهم مشاعر الآخرين، أنماط سلوكية متكررة مثل التأرجح أو المشي على أطراف الأصابع، بالإضافة إلى الانزعاج من تغيير الروتين.
وأحيانًا، نجد الأطفال المصابين بالتوحد مهتمين بالتفاصيل الدقيقة التي قد لا يلاحظها الآخرون، مثل أنماط معينة أو ألوان.
هل من تحديات إضافية تواجه المصابين بالتوحد؟
بالتأكيد، الأطفال المصابون بالتوحد يعانون من مخاوف غير تقليدية، مثل الخوف من الأصوات العالية أو المراحيض، كما يواجهون مشكلات في النوم، حيث تختلف احتياجاتهم عن الأطفال الآخرين، حوالي 75-80% منهم يعانون من تخلف عقلي بدرجات متفاوتة، ومع ذلك، قد يظهر بعضهم قدرات فائقة في مجالات مثل الرياضيات أو الفنون.
اقرأ أيضًا: العلاج الطبيعي يحسن المهارات الحركية ل أطفال التوحد
هل التوحد وراثي بالكامل؟
التوحد قد يكون وراثيًا، لكن الطريقة التي يتم توارثه بها ليست واضحة تمامًا، ومن المعروف أن وجود طفل مصاب بالتوحد يزيد احتمالية إصابة طفل آخر في العائلة بنسبة 3-10%، كما أن بعض الحالات مثل متلازمة الصبغي X الهش ومتلازمة داون ترتبط أحيانًا بالتوحد.

هل هناك علاج شافٍ للتوحد؟
للأسف، التوحد حالة تستمر مدى الحياة ولا يوجد علاج نهائي له، ومع ذلك، يمكن تحسين جودة حياة المصابين عبر برامج تدخل مبكرة، مثل العلاج المهني الذي يطور مهارات الحياة اليومية، وعلاج النطق لتحسين التواصل اللفظي وغير اللفظي، وتدخلات تعزيز العلاقات الاجتماعية.
ماذا عن المستقبل؟ هل هناك أمل في تحسين فهمنا للتوحد؟
بالتأكيد، الأبحاث مستمرة لفهم الأسباب بشكل أفضل، وتطوير وسائل تدخل أكثر فعالية، من المهم أن نركز على تعزيز دمج المصابين بالتوحد في المجتمع ودعمهم للاستفادة من نقاط قوتهم، فهم جزء لا يتجزأ من التنوع البشري.