نقضي ما يقرب من ثلث حياتنا في النوم، ومع ذلك لا يزال الكثيرون يعانون من صعوبات في تحقيق نوم هادئ ومريح. ما لا يعرفه البعض هو أن الضوضاء يمكن أن تكون العامل المفقود في معادلة النوم الصحي. تؤكد الدراسات أن “الضوضاء البيضاء” (صوت ثابت) و”الضوضاء البنية” (نغمات الجهير العميقة) قد تساعد على الاسترخاء والتغلب على اضطرابات النوم، من خلال تغطية الضوضاء الخارجية وتهيئة العقل للاسترخاء.
هل الضوضاء حقًا مفيدة للنوم؟
يقول خبراء النوم إن الضوضاء تساعد في تهدئة العقول القلقة. شيلبي هاريس، مديرة صحة النوم في “Sleepopolis”، توضح: “يمكن أن يؤدي الصمت إلى تسرع الأفكار، ما يجعل الضوضاء الخلفية وسيلة فعالة لتهدئة العقل”. إلى جانب تقليل التوتر، تعمل الضوضاء على تشتيت الانتباه عن الأفكار السلبية والقلق، وهو ما أكده الدكتور نيل هاريش باتيل الذي يقول: “الأشخاص الذين يعانون القلق يستخدمون الصوت كوسيلة لتجنب الغوص في أفكارهم المزعجة”.
التغلب على الإزعاج المحيط
يمكن للضوضاء البيضاء أو الأصوات المهدئة أن تكون حلاً فعّالًا لمواجهة ضوضاء البيئة المحيطة، سواء كانت أصوات السيارات، أو ضجيج الشوارع، أو حتى زملاء السكن العائدين في وقت متأخر. الدكتورة دانييلا ماركيتي، المتخصصة في النوم، تذكر أن الضوضاء البيضاء مفيدة للمرضى الذين يعانون من طنين الأذن، وتضيف: “حتى لمن يعيشون في مناطق حضرية، تساعد الضوضاء على تحقيق الاسترخاء وتخفيف التوتر الناتج عن التلوث السمعي”.
اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والصوت الثابت
يشير الخبراء إلى أن الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) يجدون في الأصوات الثابتة وسيلة للتركيز والاسترخاء، مما يسهل عليهم النوم. توضح شيلبي هاريس أن الممارسات المهدئة، بما في ذلك استخدام تطبيقات الضوضاء، يمكن أن تكون مفيدة لهذه الفئة، وتوفر بدائل للصمت الذي قد يبدو مزعجاً.
لماذا يكون الصمت غير مريح؟
في عالم يعجّ بالضوضاء والإيقاع السريع، يشكل الصمت تناقضاً غير مألوف لكثيرين. اعتاد كثير من الناس على الأصوات المستمرة، ما يجعل الصمت مزعجاً لهم. ونتيجة لذلك، يمكن أن تتعطل عقولهم عن الاسترخاء والغفو بسهولة. يقول خبراء النوم إن استخدام الضوضاء في الخلفية قد يساعد هؤلاء الأشخاص على النوم بشكل أسرع.
النشأة في بيئات صاخبة
الأشخاص الذين نشأوا في أسر كبيرة أو بيئات مليئة بالضوضاء، غالباً ما يحتاجون لأصوات مألوفة لتهدئتهم. المتخصصون يشيرون إلى أن العقل يمكن أن يتدرب على الاعتماد على الضوضاء الخلفية، ما يجعلها جزءًا من روتين النوم.
الشعور بالوحدة وصوت الألفة
يشعر البعض بالوحدة في غياب الضوضاء، ويجدون في الأصوات وسيلة لملء الفراغ العاطفي. يقول الدكتور باتيل: “يخشى البعض من الصمت لأنه يعني غياب الأشخاص، ولذلك تساعد الضوضاء في منحهم شعوراً بوجود آخرين حولهم”.
في نهاية المطاف، سواء كنت تعاني من القلق، الإزعاج الخارجي، أو حتى تحتاج إلى إحساس بالراحة والألفة، تبقى الضوضاء إحدى الأدوات الفعّالة التي يمكنها تحسين نوعية النوم، وجعل الليالي أكثر هدوءًا واستقرارًا.