توصلت دراسة جديدة، إلى أن اتباع النظام الغذائي المتوسطي قد يساعد الناجين من السرطان على تحسين صحة قلبهم والعيش لفترة أطول، ومن بين الناجين من السرطان على المدى الطويل (في المتوسط، تم تشخيص المشاركين في الدراسة بالمرض قبل ثماني سنوات)، فإن أولئك الذين اتبعوا عن كثب نمط التغذية المتوسطي كان لديهم خطر أقل بنسبة 32% للوفاة من أي سبب، وخطر أقل بنسبة 58% للوفاة المرتبطة بالقلب مقارنة بأولئك الذين لم يتبعوا النظام الغذائي على الإطلاق.
النظام الغذائي المتوسطي مناسب لمرضى السرطان
وتمت دراسة اتباع النظام الغذائي المتوسطي بشكل جيد بين عامة السكان، وهناك مجموعة كبيرة من الأبحاث تدعم هذا النمط الغذائي كاستراتيجية أساسية للصحة العامة والحد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وخاصة أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، وتقول الدكتورة ماريا لاورا بوناسيو، المؤلفة الرئيسية للدراسة، من قسم علم الأوبئة والوقاية في المركز الدولي للأبحاث السريرية في ميلانو: “تشير نتائجنا الآن إلى أن هذا النمط الغذائي فعال أيضًا للأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالسرطان بالفعل”.
وتضيف بوناسيو، أن هذا الأمر مهم نظرًا لأن الأبحاث السابقة وجدت أن الناجين من السرطان معرضون لخطر أعلى للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وخلصت إحدى الدراسات إلى أن الناجين من السرطان معرضون لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 42 في المائة مقارنة بالأشخاص غير المصابين بالسرطان.
الحد من مخاطر الإصابة بالسرطان لدى الناجين
وجمعت الدراسة بيانات استشرافية من 802 مشارك يعيشون في إيطاليا (476 امرأة و326 رجلاً، بمتوسط عمر 63 عامًا)، والذين تم تشخيص إصابتهم بنوع ما من السرطان ويمكنهم تقديم السجلات الطبية والمعلومات ذات الصلة فيما يتعلق بعلاجهم للسرطان، وتم إجراء مقابلات مع المشاركين حول نظامهم الغذائي خلال فترة الاثني عشر شهرًا السابقة باستخدام استبيان معدل تكرار تناول الطعام، تم تقييم الأنظمة الغذائية على مقياس من 10 نقاط وفقًا لمدى تشابهها مع النظام الغذائي المتوسطي ثم تم تحليل المجموعات ومقارنتها من حيث الزيادات بمقدار نقطتين بناءً على الدراسات السابقة التي تم فيها استخدام المقياس.
وبعد متوسط 12 عامًا من المتابعة، أبلغ الباحثون عن 248 حالة وفاة لجميع الأسباب، بما في ذلك 59 حالة وفاة مرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية و140 حالة وفاة بسبب السرطان، وكشف التحليل عن انخفاض بنسبة 16% في الوفيات لأي سبب مقابل كل زيادة بنقطتين في درجة النظام الغذائي المتوسطي للشخص، وأشارت هذه النتائج إلى أن الناجين من السرطان الذين اتبعوا عن كثب نمط الأكل كانوا أقل عرضة للوفاة لأي سبب أو أمراض القلب مقارنة بالأشخاص الذين حصلوا على درجات أقل.
وتشير التقديرات إلى أن 18.1 مليون أمريكي (5.4 في المائة من السكان) نجوا من تشخيص الإصابة بالسرطان، وفقًا للبيانات التي تم جمعها في يناير 2022، ومن المتوقع أن ينمو هذا العدد إلى 22.5 مليون بحلول عام 2032.
اقرأ أيضًا: الوقاية من السرطان تهزمه.. قصة إنقاذ ملايين الأرواح عبر العقود
كيف يمكن للنظام الغذائي المتوسطي أن يساعد في تحسين الصحة وطول العمر بعد الإصابة بالسرطان؟
هناك عدة طرق يمكن أن يساعد بها النظام الغذائي المتوسطي في تحسين صحة القلب ومساعدة الناجين من السرطان على العيش لفترة أطول، فهو غني بالأطعمة التي تعد مصادر طبيعية للمركبات النشطة بيولوجيًا، مثل البوليفينول، التي تتمتع بخصائص قوية مضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة، وقد يؤدي ذلك إلى تقليل الالتهابات منخفضة الدرجة والإجهاد التأكسدي، وهما آليتان تشاركان في التسبب في أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، والمصادر الغذائية الرئيسية هي الفواكه والمكسرات والخضروات والحبوب، فضلاً عن زيت الزيتون، وهو المصدر الرئيسي للدهون المضافة في النظام الغذائي المتوسطي”.
وتقول كيت دونيلان، أخصائية التغذية في مركز ستانفورد للرعاية الصحية في كاليفورنيا، والتي لم تشارك في الدراسة، إن التركيز في النظام الغذائي المتوسطي على الدهون الصحية من زيت الزيتون والمكسرات والأسماك قد يدعم صحة القلب بالإضافة إلى تقليل الالتهابات وتوفير مضادات الأكسدة، ويشجع النظام الغذائي المتوسطي أيضًا على تناول الأكل المتوازن والأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية، والتي يمكن أن تساعد في الحفاظ على وزن صحي ووظيفة مناعية، كما تضيف دونيلان، وهما عاملان قد يساهمان بشكل مستقل في طول العمر لمرضى السرطان الناجين.
ما هو نوع النظام الغذائي الأفضل بعد تشخيص الإصابة بالسرطان؟
ووفقا للتوصيات الغذائية الحالية لصندوق أبحاث السرطان العالمي، ينصح الخبراء الناجين من السرطان بتناول المزيد من الحبوب الكاملة والخضروات والفواكه والبقوليات؛ وتجنب المشروبات السكرية؛ والحد من استهلاك الأطعمة السريعة واللحوم الحمراء والمصنعة، وغيرها من الأطعمة المصنعة الغنية بالدهون أو النشويات أو السكريات.
وتقول بوناسيو: “على الرغم من أن هذه التوصيات لا تشير بشكل مباشر إلى النظام الغذائي المتوسطي، إلا أنها تتوافق بشكل أساسي مع مبادئ النظام الغذائي المتوسطي، ويشمل ذلك التركيز على الأطعمة الطازجة، وغالبًا تلك التي تكون في موسمها، والتي تتم معالجتها بشكل طفيف”.