يعتقد كثيرون أن أمراض الجهاز الهضمي لا تتجاوز الانتفاخ أو الإمساك والإسهال، لكن ثمة حالات أكثر خطورة قد تتحول إلى تهديد مباشر للحياة، وتحتاج إلى تدخل فوري ودقيق، ومن بين هذه الحالات التي لا تنال ما يكفي من الوعي، يبرز تضخم القولون كواحد من أخطر وأكثر مشكلات الجهاز الهضمي غموضًا
تضخم القولون هو توسّع غير طبيعي في هذا العضو، وقد يكون حادًا وسريع التطور، أو مزمنًا يتفاقم ببطء مع مرور الوقت، تكمن خطورته في أنه قد يؤدي إلى تمزق القولون إذا لم يُعالج في الوقت المناسب، مما يعرّض المريض لخطر التسمم الدموي أو حتى الوفاة
وغالبًا ما يظهر تضخم القولون كمضاعفة لالتهاب القولون الشديد، سواء في حالات التهاب القولون التقرحي أو داء كرون، أو نتيجة عدوى شديدة تصيب الأمعاء، فيتوقف القولون عن الحركة، وتتراكم داخله الغازات والفضلات، وهذا التوقف لا يحدث فقط على مستوى الحركة، بل يمتد ليشمل ضعفًا في الجدار العضلي للقولون، ما يجعله هشًا ومهددًا بالتمزق في أي لحظة
وهناك نوع خاص يعرف بتضخم القولون الخلقي، يصيب الرضع والأطفال، ويحدث نتيجة غياب الخلايا العصبية في جزء من الأمعاء، وهو ما يؤدي إلى انسداد وظيفي يمنع مرور الفضلات، وهذه الحالة تحتاج إلى تدخل جراحي عاجل في معظم الأحيان، لأن استمرارها يعني تراكمًا خطيرًا قد يؤدي إلى انفجار الأمعاء
أما تضخم القولون المزمن، فهو نوع يتسلل ببطء، لكنه لا يقل خطرًا، وغالبًا ما يكون نتيجة الإمساك المزمن أو اضطرابات في الأعصاب أو العضلات التي تغذي القولون، وقد لا يشعر المريض في البداية بالخطر، لكنه يلاحظ مع الوقت انتفاخًا مستمرًا في البطن، إمساكًا لا يستجيب للعلاج، آلامًا متكررة، وشعورًا بالغثيان والقيء، وفي بعض الحالات، ترتفع درجة الحرارة، وتتسارع ضربات القلب، ويشعر المريض بضعف عام ينذر بأن الجسم في حالة استنفار داخلي
تشخيص هذه الحالة لا يعتمد فقط على الأعراض، بل يبدأ بفحص سريري دقيق، وغالبًا ما يتبعه تصوير بالأشعة السينية أو المقطعية لتحديد مدى التوسع الحاصل في القولون، والكشف المبكر يمكن أن يصنع الفرق بين تدخل بسيط وتحكم بالأعراض، وبين عملية جراحية طارئة أو ما هو أخطر من ذلك
علينا أن ندرك أن القولون ليس مجرد أنبوب ينقل الطعام، بل عضو حساس يعبّر عن الخلل بصوت مرتفع، حين يُصدر إنذاراته في شكل انتفاخ، أو ألم مفاجئ، أو توقف في التبرز، لا يجوز تجاهلها أو اعتبارها عابرة، تضخم القولون ليس مجرد حالة طبية، بل إنذار صريح بأن الجسم يواجه خللًا داخليًا، وكل لحظة تأخير في التشخيص قد تُكلّف المريض الكثير، فلنُحصّن أجسادنا بالوعي والمعرفة، بدل أن ننتظر حتى يتحول الإنذار إلى كارثة لا تُحتوى