كشفت دراسة أسترالية أن التشخيص المبكر للسوداوية، وهو شكل من أشكال الاكتئاب الشديد، يسمح باستخدام الأدوية التي تعمل على تحسين توازن الكيمياء الدماغية بشكل فعال، ما يساعد المرضى على تجنب العلاجات الأكثر تدخلًا في وقت لاحق.
أداة تشخيص تشخيص مرض السوداوية
وأظهرت الدراسة استجابة الأشخاص الذين يعانون من السوداوية فرقًا واضحًا عند مشاهدة أفلام عاطفية مقارنة بالأشخاص الذين يعانون من اكتئاب أقل حدة، فيما قال الدكتور فيليب موسلي، أستاذ الطب النفسي العصبي في معهد كيو آي إم آر بيرغهوفر للبحوث الطبية في أستراليا، إن نتائج هذه الدراسة توفر أداة تشخيصية مفيدة تتيح للأطباء تحديد السوداوية في وقت مبكر، ما يساعد على توفير العلاج المناسب بسرعة وتجنب الحاجة إلى علاجات أكثر تعقيدًا مثل العلاج بالصدمات الكهربائية أو التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة.
وأشار موسلي إلى أن العلاج بالصدمات الكهربائية يعتبر علاجًا يتضمن إرسال تيار كهربائي عبر الدماغ أثناء التخدير العام، ما يؤدي إلى حدوث نوبة كهربائية قصيرة تهدف إلى تحسين الأعراض، أما التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة فيستخدم الموجات المغناطيسية لتحفيز مناطق معينة من الدماغ.
وأضاف الدكتور فيليب موسلي: منذ أن تم التعرف على الاكتئاب كحالة طبية، وحتى منذ العصور اليونانية القديمة، تم ملاحظة أن بعض المصابين بالاكتئاب يظهرون أعراضًا جسدية واضحة، مثل التوقف عن الأكل، وفقدان القدرة على النوم، وتباطؤ التفكير بشكل ملحوظ، وغالبًا ما يكونون في حالة صحية سيئة للغاية.
ما هي السوداوية؟
ويصف المتخصصون السوداوية بأنها مرض عقلي يتميز باضطراب الوجدان، وتغلب الغم والحزن والقلق لدى المريض، ولا تستجيب السوداوية عادة للعلاج النفسي التقليدي، كما أنها حيرت الأطباء لعقود طويلة بحثًا عن دواء لها.
وأشار موسلي في هذا الصدد إلى أن الدراسة الجديدة تعد محاولة لتطوير أداة تشخيصية تساعد المتخصصين في تحديد أنواع الاكتئاب بدقة، ما يسمح بتطبيق علاج موجه ومبكر، مضيفًا أن الدراسة شملت 30 مريضًا يعانون من السوداوية و40 مريضًا يعانون من أنواع أخرى من الاكتئاب.
وشاهد المشاركون في الدراسة مقطعي فيديو؛ الأول كان مقطعًا من عرض كوميدي لريكي غيرفايز، والثاني كان فيلمًا قصيرًا عن سيرك متنقل بعنوان سيرك الفراشة، والذي وصفه موسلي بالمؤثر جدًا، وأثناء مشاهدة الفيديوهات، تم تسجيل النشاط الدماغي وتعابير الوجه للمشاركين باستخدام جهاز تتبع وآلة تصوير بالرنين المغناطيسي.
وأظهرت نتائج الدراسة التي تم نشرها في مجلة (Molecular Psychiatry) فرقًا كبيرًا بين مجموعتي المرضى؛ حيث ظل المرضى المصابون بأنواع أخرى من الاكتئاب يضحكون ويبتسمون في أثناء مشاهدة مقاطع غيرفايز الكوميدية، في حين كان المصابون بالسوداوية يظهرون عدم استجابة تامة ولا أي حركة في وجوههم. ووصفهم موسلي بأنهم مثل التماثيل من دون أي تعبيرات عاطفية.
وأظهر جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي أن أدمغة المرضى المصابين بأنواع أخرى من الاكتئاب كانت تنشط خصوصًا في منطقة الدماغ المسؤولة عن الاستجابات العاطفية التلقائية والمعروفة بالمخيخ، بينما في أدمغة المرضى المصابين بالسوداوية، كانت تلك المناطق العاطفية من الدماغ تظهر نشاطًا منخفضًا، ما يشير إلى عدم تفاعلها مع مناطق الدماغ الأخرى ذات الصلة بالمهام العاطفية.