توصلت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Human Behaviour إلى أن حاسة الشم البشرية تتمتع بدقة وسرعة فائقة في التمييز بين الروائح، حيث يمكن للبشر التمييز بين تسلسلات مختلفة من الروائح في فترة زمنية تصل إلى 60 ميلي ثانية فقط، هذه النتائج تدحض الاعتقاد السائد بأن حاسة الشم هي أبطأ الحواس البشرية.
التمييز بين الروائح أسرع من طرفة عين
قال الدكتور وين تشو، الباحث الرئيسي في الدراسة، إن المشاركين استطاعوا التمييز بين رائحتين بترتيب مختلف خلال فترة زمنية قصيرة تعادل 60 ميلي ثانية، وهي مدة أقل بكثير من زمن وميض العين الذي يبلغ حوالي 180 ميلي ثانية، هذه القدرة على التمييز السريع تعكس مدى حساسية الشم وتفتح الباب أمام تطبيقات طبية وتقنية جديدة.
تطوير أنوف إلكترونية لتحسين الواقع الافتراضي
استناداً إلى هذه النتائج، يمكن استخدام المعلومات المكتشفة لتصميم أنوف إلكترونية وأنظمة واقع افتراضي تعتمد على حاسة الشم، مما قد يقدم فوائد كبيرة في المجالات الطبية والتقنية.
قام الباحثون بتطوير جهاز يمكنه توصيل الروائح إلى الأنف بدقة 18 ميلي ثانية، واختبروا قدرات التمييز لدى 229 شخصًا من خلال استنشاق مزيج من روائح مثل التفاح، الأزهار الحلوة، الليمون، والبصل.
تحدي الاعتقادات السابقة حول حاسة الشم
أكدت الدراسة أن قدرة البشر على تمييز الروائح تتحدى الاعتقادات السابقة بأن التمييز بين تسلسلات الروائح يتطلب نحو 1200 ميلي ثانية.
وأوضح الدكتور دميتري رينبرغ، أستاذ علوم الأعصاب، أن الحساسية الزمنية ليست مقتصرة على السمع، بل تشمل أيضًا حاسة الشم، حيث يلعب التوقيت دورًا مهمًا في إدراك الروائح.
الآليات الغامضة لحاسة الشم
وأشار الدكتور سانديب روبرت داتا من جامعة هارفارد، الذي لم يشارك في الدراسة، إلى أن القدرة على التمييز بين الروائح في استنشاق واحد قد تكون آلية هامة تُمكن الحيوانات من تحديد ماهية الروائح ومصدرها في البيئة المحيطة.
وأضاف أن الدراسة تسد فجوة معرفية كبيرة حول كيفية إدراك البشر للروائح، مما يضع حاسة الشم على قدم المساواة مع حاستي السمع والبصر في الأهمية.
مستقبل حاسة الشم من الإدراك الحسي إلى التطبيقات السريرية
تُعد هذه الدراسة خطوة مهمة نحو فهم أعمق لحاسة الشم، التي طالما كانت أقل دراسة مقارنة بالرؤية والسمع. كما تفتح آفاقًا لتطوير تقنيات جديدة يمكن استخدامها في التشخيص الطبي وتطبيقات الواقع الافتراضي، مما يوسع نطاق استخدامات الشم في حياتنا اليومية.