تكشف دراسة كندية جديدة أن تأثيرات الولادة المبكرة لا تقتصر على مرحلة الطفولة فحسب، بل تمتد لتؤثر بشكل كبير في حياة الأفراد حتى بلوغهم سن البلوغ، مما ينعكس على مستواهم التعليمي والدخل الوظيفي. النتائج التي نُشرت في دورية “بلوس وان” تؤكد أن الأشخاص الذين وُلدوا قبل الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل يعانون من تحديات مستمرة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي حتى سن الثامنة والعشرين.
الولادة المبكرة وتأثيرها على التعليم والدخل
توصل الباحثون في مستشفى “سِك كيدز” في تورنتو إلى أن الأفراد الذين وُلدوا الولادة المبكرة، قبل الأسبوع الـ37 من الحمل، يواجهون معدلات أقل في الدخل الوظيفي وفرص التعليم مقارنة بأقرانهم الذين وُلدوا في فترة الحمل الكاملة. ففي المتوسط، كان الدخل السنوي للأفراد الذين وُلدوا مبكرًا أقل بمقدار 958 دولارًا كنديًا، أي بنسبة 6% أقل من أقرانهم. كما تراجعت فرصهم في الالتحاق بالجامعة بنسبة 17%، وفي الحصول على شهادة جامعية بنسبة 16%.
تشير هذه النتائج إلى أن الآثار السلبية للولادة المبكرة تستمر حتى مرحلة البلوغ، وتؤثر في مسارات الحياة المختلفة للأفراد، ما يطرح تساؤلات حول أهمية الدعم المستمر لهذه الفئة في مراحل حياتهم المختلفة.
التأثيرات الصحية والاقتصادية للولادة المبكرة
من خلال تحليل بيانات 2.4 مليون شخص وُلدوا بين عامي 1990 و1996 في كندا، تبين أن الولادة المبكرة تؤثر بشكل مباشر على صحة الأطفال، حيث يعانون من مشكلات صحية متعددة، مثل تأخر النمو، صعوبات التنفس، مشاكل الجهاز الهضمي، وتأخر التطور العقلي والبدني. هذا بالإضافة إلى تعرضهم لمضاعفات صحية مزمنة.
ومع تقدم هؤلاء الأفراد في العمر، يتضح أن التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية لهذه الولادة المبكرة قد تكون أكثر ديمومة من الآثار الصحية الأولية. على سبيل المثال، تبين أن الأفراد الذين وُلدوا في فترة مبكرة جدًا، بين 24 و27 أسبوعًا، شهدوا انخفاضًا ملحوظًا في دخلهم السنوي بلغ 5463 دولارًا كنديًا، أي بنسبة 17%، في حين تراجعت معدلات التحاقهم بالجامعة والحصول على الشهادات الجامعية بنحو 45%.
الدعوة لدعم مستمر للأفراد المولودين مبكرًا
تشير الدراسة إلى أن التأثيرات طويلة الأمد للولادة المبكرة قد تكون أشد تأثيرًا من الآثار الصحية الفورية. ومن هنا، تبرز الحاجة إلى تقديم دعم مستمر للأفراد الذين وُلدوا قبل الأوان، سواء في مجالات التعليم أو التدريب المهني أو الرعاية النفسية. إن تقديم الدعم الاجتماعي والاقتصادي المستدام لهذه الفئة قد يسهم في الحد من الفجوات بين هؤلاء الأفراد وأقرانهم الذين وُلدوا في فترة الحمل الطبيعية.
وفي هذا السياق، دعا الباحثون صانعي السياسات إلى وضع استراتيجيات تضمن تكافؤ الفرص لجميع الأفراد، بما في ذلك أولئك الذين وُلدوا في فترات مبكرة، لضمان قدرتهم على تحقيق النجاح والازدهار في حياتهم.