لطالما كانت الغدة الزعترية (أو التوتة) محط اهتمام محدود في الأبحاث الطبية، حيث كان يُعتقد سابقًا أنها ليست ذات أهمية كبرى في صحة الإنسان.
لكن دراسة حديثة كشفت عن دور بالغ الأهمية لهذه الغدة في تقوية جهاز المناعة وحماية الجسم من الأمراض الخطيرة مثل السرطان وأمراض المناعة الذاتية، يستعرضها موقع شهد خلال التقرير التالي:
ما هي الغدة الزعترية؟
فما الذي يجعل الغدة الزعترية أساسية لصحتنا، ولماذا أصبح استئصالها موضوعًا مثيرًا للجدل في الآونة الأخيرة؟
وكيف تساهم في جهاز المناعة؟
الغدة الزعترية هي إحدى الغدد الصماء الصغيرة التي تقع خلف عظام الصدر، وتلعب دورًا محوريًا في تطوير الخلايا التائية، وهي الخلايا المسؤولة عن التمييز بين خلايا الجسم السليمة والأجسام الغريبة، مما يساعد في الوقاية من مهاجمة جهاز المناعة لأنسجة الجسم الذاتية.
في مرحلة الطفولة، يزداد حجم الغدة الزعترية تدريجيًا، وقد يصل وزنها إلى 40 غرامًا، ولكنها تبدأ في التضاؤل بعد سن البلوغ.
تلعب الخلايا التائية التي تتكون داخل الغدة الزعترية دورًا رئيسيًا في مكافحة العدوى، بعد تكوُّنها، تهاجر هذه الخلايا إلى الغدد الليمفاوية الثانوية حيث تتكاثر وتبدأ في مهاجمة الكائنات الحية الغريبة مثل الفيروسات والبكتيريا.
هل يؤدي استئصال الغدة الزعترية إلى مشاكل صحية؟
دراسة حديثة نشرتها مجلة “نيو إنغلاند الطبية” حول العواقب الصحية لإزالة الغدة الزعترية أكدت أن هذا العضو له دور كبير في الحفاظ على كفاءة جهاز المناعة.
الدراسة، التي تم تمويلها من قبل معهد هارفارد للخلايا الجذعية، أظهرت أن الأشخاص الذين خضعوا لاستئصال الغدة الزعترية لديهم معدلات أعلى من الوفيات، فضلاً عن ارتفاع خطر الإصابة بـ السرطان وأمراض المناعة الذاتية مقارنةً بالمجموعة التي لم يتم استئصال الغدة الزعترية لديها.
وقد بينت الدراسة أن استئصال الغدة الزعترية يمكن أن يؤدي إلى ضعف إنتاج الخلايا التائية، مما يؤثر بشكل مباشر على قدرة الجسم في محاربة الأمراض المختلفة.
ولاحظ الباحثون زيادة مستويات بعض المركبات البروتينية السيتوكينية في البلازما، مما يشير إلى تفاعل غير طبيعي في الجهاز المناعي بعد إزالة هذه الغدة.
متى يكون استئصال الغدة الزعترية ضروريًا؟
على الرغم من الدور المهم الذي تلعبه الغدة الزعترية، هناك حالات طبية تتطلب استئصال الغدة الزعترية، يشمل ذلك بعض الحالات المرضية الخطيرة مثل الوهن العضلي الوبيل، وهو اضطراب عصبي عضلي يسبب ضعفًا في العضلات الإرادية في الجسم.
وفقًا للتقديرات، يعاني حوالي 10% من المرضى المصابين بهذا المرض من أورام في الغدة الزعترية، في معظم الحالات، تكون هذه الأورام حميدة وبطيئة النمو، لكن في بعض الأحيان يمكن أن تكون خبيثة وتتطلب إزالة الغدة بشكل فوري.
الأطباء يوصون عادةً بإجراء استئصال الغدة الزعترية للأشخاص الذين يعانون من الوهن العضلي الوبيل، خصوصًا إذا كان الضعف العضلي قد أثر على التنفس أو البلع. أيضًا، يُوصى بإزالة الغدة في حالات نادرة عندما يتم تشخيص الثايموما، وهو نوع من الأورام الخبيثة في الغدة الزعترية.
تحسين أعراض مرضية وزيادة فرص الشفاء
رغم المخاطر التي قد تنشأ بعد استئصال الغدة الزعترية، فإن هناك فوائد علاجية واضحة لبعض المرضى، أولًا، يساعد استئصال الغدة الزعترية في تقليل شدة ضعف العضلات لدى مرضى الوهن العضلي الوبيل، كما يقلل من الحاجة للأدوية التي تؤخذ لمعالجة هذه الحالة.
علاوة على ذلك، يمكن أن يكون هذا الإجراء عاملاً مساعدًا في زيادة فرص الشفاء الدائم لبعض المرضى الذين يعانون من هذا المرض المزمن.
الغدة الزعترية قد تكون صغيرة في حجمها، لكنها تلعب دورًا محوريًا في تعزيز جهاز المناعة وحماية الجسم من الأمراض، استئصال الغدة الزعترية، رغم فوائده في بعض الحالات الطبية مثل الوهن العضلي الوبيل، قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة على المدى الطويل، لذا، يجب أن يتم هذا الإجراء الطبي بعناية وبعد تقييم دقيق للحالة الصحية للمريض.