هل يمكن لصحة فمك أن تؤثر على احتمالية الإصابة بالسرطان أو تجعل الأورام تنمو بشكل أكثر عدوانية؟ تشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى أن وجود أمراض اللثة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان، وخاصة سرطان القولون والمستقيم وسرطان البنكرياس.
وهذه الأمراض هي مجموعة من الحالات الالتهابية التي تؤثر على الأنسجة المحيطة بالأسنان، كما يُعد سرطان القولون والمستقيم ثالث سبب رئيسي للوفاة المرتبطة بالسرطان لدى الرجال ورابع سبب رئيسي للنساء في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من انخفاض المعدلات الإجمالية بشكل مطرد بسبب تقنيات الفحص الأفضل، إلا أن معدلات الإصابة لدى الشباب آخذة في الارتفاع، ومن المرجح أن تكون هذه الزيادات نتيجة لمزيج من العديد من العوامل، بما في ذلك الجلوس كثيرًا، وزيادة الوزن أو السمنة، واتباع نظام غذائي غني بالأطعمة المصنعة ومنخفض الألياف.
أمراض اللثة.. الفم ثاني أكبر “ميكروبيوم” في الجسم
وهناك عامل محتمل آخر وراء هذا الارتفاع يتمثل في البكتيريا الموجودة في ميكروبيوم الفم لدى الأشخاص المصابين بأمراض اللثة، ورغم أن الكثير قد كُتِب عن أكبر ميكروبيوم في الجسم، وهو ميكروبيوم الأمعاء، فإن الفم يحتوي على ثاني أكبر ميكروبيوم وأكثرها تنوعًا، حيث يحتوي على أكثر من 700 نوع من البكتيريا.
ويقول مينجيانج سونج، أستاذ مشارك في علم الأوبئة السريرية والتغذية في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد تي إتش تشانج في بوسطن، إن ميكروبيوم الفم وتوازن البكتيريا الموجودة فيه يؤثران على الصحة العامة بعدة طرق، ونشر “سونج” بحثًا عن العلاقة بين ميكروبيوم الفم وسرطان القولون والمستقيم.
وركز الباحثون على بعض البكتيريا التي قد تكون مهمة بشكل خاص من حيث الصحة، بما في ذلك (Fusobacterium nucleatum)، والتي توجد عادة بمستويات منخفضة في الفم، ولكنها يمكن أن تزدهر وتساهم في الالتهاب، وإذا تُرِكَت أمراض اللثة دون علاج، فقد تؤدي في النهاية إلى تدمير العظام والأنسجة التي تدعم الأسنان، مما يتسبب في فقدان الأسنان.
اقرأ أيضًا للتخلص من “التهاب اللثة” إليك 4 أدوية للقضاء عليه
أمراض اللثة وفقدان الأسنان مرتبطان بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم
ويضيف “سونج”، أن صحة ميكروبيوم الفم ارتبطت أيضًا بمجموعة متنوعة من الأمراض خارج الفم، بما في ذلك السرطان والسمنة والسكري وأمراض القلب ومرض الزهايمر ومرض التهاب الأمعاء والتهاب المفاصل الروماتويدي ومرض الكبد الدهني المرتبط بالخلل الأيضي، هناك أيضًا علاقة ببعض أنواع السرطان، بما في ذلك سرطانات الرأس والرقبة، كما يرتبط بسرطان القولون والمستقيم والبنكرياس، لكن العلماء لا يزالون غير قادرين على فهم مدى مشاركة أمراض اللثة وميكروبيوم الفم في التسبب في هذه الحالات، إن وجدت.
وكان سونج باحثًا بارزًا في دراستين وجدتا رابطًا بين السرطان وأمراض اللثة، في الدراسة الأولى، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ من أمراض اللثة لديهم خطر أكبر بنسبة 52 في المائة للإصابة بسرطان المعدة مقارنة بالأشخاص الذين لا يعانون من أمراض اللثة، وأن فقدان اثنين أو أكثر من الأسنان يزيد من خطر الإصابة بسرطان المعدة بنسبة 33 في المائة، كما ارتبطت أمراض اللثة أيضًا بزيادة خطر الإصابة بسرطان المريء.
وفي الدراسة الثانية، وجد سونج وزملاؤه أن أمراض اللثة ترتبط أيضًا بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وبالمقارنة مع الأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ من أمراض اللثة، فإن أولئك الذين أصيبوا بأمراض اللثة كانوا أكثر عرضة بنسبة 17% للإصابة بزوائد لحمية مسننة، وهي نوع من سليلة القولون التي يمكن أن تتحول في النهاية إلى سرطان، وحوالي 25 في المائة من حالات سرطان القولون تتطور من هذا النوع من السليلة، ووجد الباحثون أيضًا أن فقدان أربعة أسنان أو أكثر كان مرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بالسليلة المسننة بنسبة 20 بالمائة.
اقرأ أيضًا من خشونة الأسنان إلى تلف اللثة.. دراسة تكشف أضرار الكحول