كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من مركز «جونز هوبكنز» للأطفال في الولايات المتحدة عن طريقة رقمية مبتكرة تساعد الآباء على الوقاية من السمنة لدى الأطفال خلال السنوات الأولى من حياتهم. وأكد الباحثون أن هذه الطريقة تمثل حلاً فعالاً لمشكلة صحية خطيرة تؤثر على صحة الأطفال مدى الحياة. النتائج التي نُشرت في دورية «PEOPLE» يوم الإثنين الماضي، تقدم خطوات عملية يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً في الوقاية من السمنة في مرحلة الطفولة المبكرة.
أهمية الوقاية من السمنة في السنوات الأولى من الحياة
تعد السمنة في الطفولة المبكرة مشكلة صحية جسيمة تؤدي إلى مخاطر كبيرة على صحة الأطفال في مراحل لاحقة من حياتهم. حيث تساهم السمنة في زيادة احتمال الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. الدراسات تشير إلى أن الأطفال الذين يعانون من السمنة في السنوات الأولى من عمرهم، يكونون أكثر عرضة للاستمرار في معاناتهم من السمنة عند بلوغهم، مما يجعل الوقاية في هذه المرحلة المبكرة ذات أهمية بالغة.
التدخل الرقمي رسائل تفاعلية لآباء الأطفال
خلال الدراسة التي شملت نحو 900 من الآباء وأطفالهم الرضع في 6 مؤسسات طبية أكاديمية، تم اختبار طريقة رقمية تهدف إلى دعم الآباء في تغيير سلوكياتهم اليومية المرتبطة بصحة أطفالهم. وتعتمد هذه الطريقة على إرسال رسائل نصية مخصصة كل أسبوعين، والتي تهدف إلى توعية الآباء وتشجيعهم على تبني سلوكيات صحية مثل تقليل استهلاك المشروبات السكرية، وتشجيع الأطفال على ممارسة النشاط البدني. كما توفر هذه الرسائل التفاعلية تغذية راجعة فورية حول تقدم الآباء في تحقيق أهدافهم الصحية، مما يعزز المشاركة الفعالة ويزيد من فاعلية التدخل.
انخفاض ملحوظ في السمنة بين الأطفال
أظهرت نتائج الدراسة أن الأطفال الذين تلقت عائلاتهم تدخلاً رقمياً أظهروا تحسناً ملحوظاً في نموهم الصحي. الأطفال الذين استفادوا من الدعم الرقمي، إضافة إلى الإرشاد التقليدي في العيادات، شهدوا تحسناً في الوزن بالنسبة للطول خلال العامين الأولين مقارنة بأطفال المجموعة التي تلقت الدعم التقليدي فقط. في ما يتعلق بالسمنة، كانت نسبة الأطفال الذين يعانون منها في المجموعة التي تلقت التدخل الرقمي 7% فقط، مقابل 13% في المجموعة الأخرى، ما يمثل انخفاضاً بنسبة 45%.
نتائج مبهرة على المدى الطويل
ووفقاً للباحثين، فقد ظهر التأثير الوقائي لهذا التدخل الرقمي منذ الشهر الرابع من عمر الطفل واستمر حتى سن السنتين. كما أشاروا إلى أن هذه الطريقة الرقمية لا تقتصر على توفير الدعم للأسر فقط، بل تعزز أيضاً العادات الصحية المتعلقة بالتغذية والنشاط البدني في مرحلة الطفولة المبكرة. وهو ما يساعد في الحفاظ على وزن صحي للطفل وتجنب تطور السمنة والأمراض المزمنة المرتبطة بها في المستقبل.
خطوة نحو الحد من السمنة في الطفولة
تعتبر هذه الدراسة خطوة هامة نحو الوقاية من السمنة في مرحلة الطفولة المبكرة، إذ أظهرت فاعلية التدخل الرقمي في توجيه الأسر نحو تبني عادات صحية تساهم في تحسين صحة الأطفال على المدى الطويل. من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة وتقديم الدعم المستمر، يمكن للآباء تحقيق نتائج أفضل في تحسين صحة أطفالهم، مما يساهم في الحد من انتشار السمنة والأمراض المزمنة في المستقبل.