عاد فيروس غرب النيل ليشكل تهديداً صحياً في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث ينتشر من جديد بشكل لافت، رغم مرور عشرات السنين على اكتشافه، لا يزال هذا الفيروس القاتل، الذي يُنقل عن طريق البعوض، بلا لقاح أو علاج فعّال.
في حادثة صادمة، أصيب الدكتور أنتوني فاوتشي، العالم البارز الذي قاد الجهود الأمريكية لمواجهة فيروس كورونا، بالفيروس الشهر الماضي، وتعرض فاوتشي، البالغ من العمر 83 عاماً، لأعراض حادة من حمى وإعياء، بعد لدغة بعوضة يُعتقد أنها كانت في حديقة منزله، جاءت إصابته كناقوس خطر، مشيرةً إلى انتشار الفيروس في أماكن غير متوقعة، مثل الأحياء السكنية في الولايات المتحدة.
وتفيد مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بأن حوالي 2000 أمريكي يصابون سنوياً بفيروس غرب النيل، مما يتسبب في أكثر من 120 وفاة سنوياً، بالإضافة إلى 1200 حالة مرض عصبي خطيرة، ويأتي كبار السن وأولئك الذين يعانون من ضعف المناعة في مقدمة الفئات الأكثر عرضة للإصابة.
تاريخ من الوباء وأزمة وقائية
اكتُشف فيروس غرب النيل لأول مرة في أوغندا عام 1930، ولكنه انتشر لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1999، عندما ظهرت حالات التهاب دماغي غامضة في نيويورك. ومنذ ذلك الحين، سُجلت 59 ألف حالة إصابة في الولايات المتحدة، و2900 حالة وفاة مؤكدة.
ويعتقد الخبراء أن الطيور المصابة تلعب دوراً رئيسياً في نقل الفيروس، حيث يتغذى البعوض على هذه الطيور المصابة، ومن ثم ينقل الفيروس إلى البشر.
ومع ازدياد مخاطر الفيروس بفعل التغير المناخي، بدأت دول مثل إسبانيا تعاني من تفشيات غير مسبوقة، كما حدث في 2020، فقد أثبتت الدراسات أن ارتفاع درجات الحرارة يساهم في تسريع نمو البعوض وزيادة نشاط الفيروس.
بحثٌ بطيء وعقبات مالية
رغم التجارب السريرية السابقة، لم تُكلل أي من محاولات تطوير لقاح بشري للفيروس بالنجاح، وتواجه شركات الأدوية صعوبة في الالتزام بتطوير اللقاح بسبب عدم الاستقرار في تفشي الفيروس، ما يجعل تقييم فعالية اللقاح أمراً معقداً. وتُظهر الأبحاث أن برامج التطعيم الخاصة بالمناطق الأكثر عرضة لتفشي الفيروس قد تكون الأكثر جدوى، خاصة في ظل عبء مالي ثقيل على المستشفيات التي تعالج المصابين.
أمل جديد في علاج قديم
بالتوازي مع محاولات تطوير اللقاح، يتزايد الاهتمام باستخدام الستيرويدات لعلاج الالتهابات الدماغية الناجمة عن الفيروس، وأشار الدكتور بول تامبيا، رئيس الجمعية الدولية للأمراض المعدية، إلى أن دراسة التأثيرات الطويلة المدى للعقاقير المستخدمة ضد فيروس كورونا قد تساعد في إيجاد علاج لفيروس غرب النيل.
فاوتشي والأمل في زيادة التمويل
تأمل الباحثة كريستي ماري، المتخصصة في دراسة فيروس غرب النيل منذ أكثر من 20 عاماً، أن تُعيد إصابة فاوتشي الاهتمام بهذا “المرض المهمل”، فقد تكون هذه الحادثة المؤلمة فرصة لزيادة التمويل والدعم للبحث العلمي وتطوير لقاح فعال، بعد ربع قرن من الانتشار الأول للفيروس في الولايات المتحدة.
مع استمرار ارتفاع عدد الإصابات والإعاقات العصبية، تظل الحاجة ملحة إلى تعاون عالمي وشراكات بين القطاعين العام والخاص للتصدي لهذا الفيروس الفتاك، قبل أن يتسبب في موجات تفشٍ أشد خطورة مستقبلاً.