في خطوة رائدة، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الأردن بات أول دولة في العالم يتم التحقق من القضاء على مرض الجذام (داء هانسن)، دون تسجيل أي حالات جديدة منذ ما يقرب من 50 عاماً. يُعد هذا الإنجاز ثمرة جهود مستمرة في تطوير الرعاية الصحية وتطبيق استراتيجيات شاملة لمكافحة المرض، ما يجعل الأردن نموذجاً يحتذى به للدول الأخرى التي تتطلع إلى القضاء على الأمراض المتوطنة.
ما هو الجذام وكيف يُشخَّص؟
الجذام، أو ما يُعرف بـ “داء هانسن”، مرض مزمن ومعدٍ، يسببه نوع من البكتيريا يسمى “المتفطرة الجذامية”. يصيب المرض بشكل أساسي الجلد والأعصاب الطرفية والجهاز التنفسي العلوي. ينتقل الجذام عن طريق الرذاذ المتطاير من الأنف والفم للشخص المصاب غير المعالج، ويتطلب العدوى اتصالاً وثيقاً ومطولاً مع المرضى على مدى أشهر عديدة. وتظهر أعراضه من خلال بقع جلدية فاتحة أو ضاربة إلى الحمرة، مع فقدان الإحساس (خدر) في المناطق المصابة.
انتشار المرض في العالم.. الفقر والعوامل الاجتماعية في المقدمة
يُصنَّف الجذام ضمن أمراض المناطق المدارية المهملة، وهو ما زال منتشراً في أكثر من 120 دولة، حيث يُبلَّغ سنوياً عن نحو 200 ألف حالة جديدة. ويعد الفقر والاكتظاظ السكاني ومحدودية الرعاية الصحية من أبرز العوامل التي تسهم في ارتفاع معدلات الإصابة في مناطق مثل جنوب شرق آسيا وأفريقيا.
جهود الأردن لمكافحة الجذام.. تجربة رائدة
لم يسجل الأردن أي حالة إصابة بالجذام منذ السبعينيات، وأظهر التزاماً سياسياً واستراتيجيات فعالة للقضاء على المرض. قامت وزارة الصحة بتشكيل فريق متخصص لتقييم الوضع، مما أسهم في تحقيق متطلبات منظمة الصحة العالمية للتأكد من خلو البلاد من المرض.
الجذام ليس حكماً بالإعدام.. العلاج متاح والشفاء ممكن
يُعد الجذام من الأمراض القابلة للشفاء إذا تم اكتشافه في مراحله المبكرة، بفضل العلاج المتعدد بالأدوية، الذي توفره منظمة الصحة العالمية مجاناً. ويشير الخبراء إلى أن 95% من الناس لديهم مناعة طبيعية ضد المرض، ما يؤكد أن الجذام ليس مرضاً شديد العدوى كما يُعتقد.
وصمة العار والتحديات النفسية.. ضرورة الدعم النفسي والاجتماعي
تظل وصمة العار المرتبطة بالجذام عائقاً كبيراً أمام المصابين، إذ يعانون من التمييز والإقصاء الاجتماعي، ما يؤثر على حالتهم النفسية ويعيق طلبهم للعلاج. لذا، تدعو المنظمات الصحية إلى نهج شامل يتضمن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى، إلى جانب سن قوانين تحمي حقوقهم.
الأردن يفتح الطريق للعالم
بنجاحه في القضاء على الجذام، يبعث الأردن برسالة أمل للدول الأخرى التي تسعى لمكافحة الأمراض المتوطنة. يؤكد هذا الإنجاز أن اتباع استراتيجيات صحية متكاملة يمكن أن يؤدي إلى تحقيق تقدم ملموس في مكافحة الأمراض، حتى تلك التي كانت تُعتبر تحديات مستعصية لعدة قرون.