يُعرف العقم بعدم القدرة على الحمل بعد مرور عام كامل من المحاولة. يعاني نحو 1 من كل 6 أزواج من هذه المشكلة خلال مراحل حياتهم، مما يدفعهم إلى رحلة طويلة من البحث عن الأسباب وإجراء الفحوصات في عيادات العقم.
العقم غير المبرر
وفي بعض الحالات، تبقى الأسباب مجهولة، ويُطلق على ذلك “العقم غير المبرر”.
لقاء مع الرائد في المناعة الإنجابية
أوضح الدكتور عماد عبد القادر كوشك، استشاري الباطنة والحساسية والمناعة السريرية في كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز، وأحد الرواد في مجال المناعة الإنجابية بالمملكة. أن المناعة الإنجابية هو تخصص حديث ومعقّد يهتم بدراسة كيفية تفاعل الجهاز المناعي مع أعضاء الجهاز التناسلي للمرأة أثناء إنتاج البويضة وتلقيحها، ثم خلال مراحل الحمل.
يتطلب هذا التخصص معرفة عميقة بكيفية تأثير الجهاز المناعي على تقبل الجنين ومنع رفضه كجسم غريب. يضيف د. كوشك أن الاستشاري في هذا المجال يجب أن يكون طبيباً متخصصاً في الطب الباطني، ثم في المناعة السريرية، وأخيراً يحصل على تدريب في علم المناعة الإنجابية.
العقم غير المبرر والمناعة الإنجابية
يُشير د. كوشك إلى أن العقم غير المبرر يشكل حوالي 30% من حالات العقم. يحدث ذلك عندما تكون اختبارات الخصوبة طبيعية، ورغم ذلك لا يحدث الحمل. وأكد أن للجهاز المناعي دوراً حيوياً في نجاح أو فشل الحمل. إذ أن جهاز المناعة يساعد على استزراع الجنين في بطانة الرحم، ويسهم في نمو المشيمة وتغذية الجنين. إذا حدثت اضطرابات مناعية، فقد تعيق هذه العمليات الحيوية وتؤدي إلى عدم استقرار الحمل.
طرق التشخيص المتقدمة
يستخدم استشاري المناعة الإنجابية طرق تشخيص متقدمة، تشمل الفحص السريري والفحوصات المخبرية المتخصصة للكشف عن اضطرابات الجهاز المناعي. وتشمل الفحوصات تحاليل للأجسام المضادة الذاتية مثل مضادات دهون الفوسفات ومضادات الغدة الدرقية، إلى جانب فحوصات لقياس نشاط الخلايا المناعية.
خطط علاجية مبتكرة للعقم المناعي
يوضح د. كوشك أن وضع خطة علاجية متكاملة ومخصصة هو الأساس لتحسين فرص الحمل. تشمل هذه الخطط استخدام أدوية تثبيط المناعة، مثل الكورتيزون، أو العلاجات الدهنية الوريدية، أو الغلوبيولين المناعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن اللجوء إلى تقنيات الإنجاب المساعدة، مثل التلقيح داخل الرحم (IUI) أو التلقيح المخبري (IVF)، إذا تطلّب الأمر.
خبرة عملية ومساهمات وطنية
من واقع خبرته الطويلة، كشف د. كوشك عن حالات عديدة تم علاجها بنجاح بعد تشخيص دقيق للأسباب المناعية، مما أدى إلى حمل ناجح وإنجاب أطفال أصحاء. وأشاد بالدعم الكبير الذي تقدمه المملكة، مع وصول أطباء سعوديين مدربين في هذا التخصص، في إطار رؤية طموحة لتعزيز القدرات الطبية الوطنية.
ويظل الأمل كبيراً في تجاوز تحديات العقم غير المبرر بفضل التقدم في طب المناعة الإنجابية، مما يفتح باب السعادة للأزواج الذين طال انتظارهم لحلم الإنجاب.