الأطعمة الحارة، بين العشق والنفور، تحمل في طياتها تجربة حسية معقدة ترتبط بمفهوم “التطرف الذوقي”. لكن كيف يمكن لفئة من الناس أن تتلذذ بالأطعمة الحارة جدًا، بينما يعاني منها آخرون؟ دراسة حديثة نشرت في مجلة PLOS Biology تُرجع ذلك إلى كيفية تشكيل توقعاتنا للحظة التذوق، ما يحوّل شعور الحرق إلى تجربة ممتعة أو مؤلمة.
كيف تجعل التوقعات من الأطعمة الحارة تجربة ممتعة؟
تؤكد الدكتورة سوزان ألبيرز، اختصاصية علم النفس السريري في عيادة كليفلاند، أن قوة التوقعات تلعب دورًا أساسيًا في تجربتنا الحسية للأطعمة الحارة. وتقول: “يمكن للتوقعات تحويل الشعور بالحرارة من تجربة غير مريحة إلى مغامرة ممتعة”. بمعنى آخر، مجرد الإحساس بالتوتر أو الترقب قد يزيد من حدة الشعور بالحرقان، بينما يساعد التوقع الإيجابي في تحويله إلى تجربة شيّقة.
دراسة حديثة تكشف تأثير التوابل الحارة على أدمغتنا
في تجربة فريدة، أجرى باحثون صينيون مسحًا لأدمغة 24 شخصًا من محبي الأطعمة الحارة و22 ممن لا يستسيغونها. وبينما حصل المشاركون على صلصات متنوعة من حيث درجة الحدة، أضاءت أجزاء الدماغ المرتبطة بالمتعة لدى محبي الأطعمة الحارة، في حين تنشطت مراكز الألم لدى الأشخاص الذين لا يفضلونها، خاصة عندما علموا بأنهم سيحصلون على الصلصة الأكثر حرارة.
وقد علق يي لوه، الباحث في جامعة شرق الصين، بأن “التوقعات السلبية تضخم شعور الألم لدى من لا يحبون التوابل”، وهو ما يبرز أهمية التوقعات في تشكيل تجربتنا للطعام.
هل ترغب في تحسين استمتاعك بالأطعمة الحارة؟
إذا كنت ترغب في التعود على التوابل، تقدم ألبيرز بعض النصائح لتغيير تجربتك الحسية:
تغيير العقلية السلبية: بدلاً من النفور، حاول استكشاف تجربة التوابل بفضول، فقد يقودك ذلك إلى تغيير مشاعرك تجاهها.
تجربة توابل مختلفة: لاحظ التنوع في النكهات والملمس، وركز على التجربة الحسية بأكملها.
الانتباه للإشارات المرئية: حيث إن الانطباع الأول يؤثر على التوقعات، كن واعيًا لطريقة عرض الطعام وتجنّب الحكم المسبق.
الأضرار المحتملة لتناول الأطعمة شديدة الحرارة
بينما تضفي التوابل الحارة نكهة مميزة، قد يكون الإفراط في تناولها ضارًا. على سبيل المثال، يحتوي فلفل “كارولينا ريبر” على معدل حرارة يصل إلى 1.7 مليون وحدة سكوفيل، وهي درجة قد تسبب استجابة فسيولوجية سريعة، تشمل تسارع ضربات القلب والتعرق واضطرابات المعدة.
وتؤكد ألبيرز أن الجسم يرسل إشارات تحذيرية عند الإفراط في التوابل، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب والتعرق، موضحةً أن الحار قد لا يناسب الجميع. وتوصي بزيادة استهلاك التوابل تدريجيًا والاستماع لجسمك خلال التجربة.
بغض النظر عن تفضيلاتك الشخصية، قد يكون لاكتشاف الأطعمة الحارة وتحسين تجربتك بها تأثير ممتع وغير متوقع، خاصة إذا تعاملت معها بعقلية فضولية وهادئة.